responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 93
أنه تنصر وتقرب بذلك إلى الروم، وحسنت منزلته عندهم، ومن يدري؟ فلعله كان مدفوعًا مأمورًا حرضه الروم ودفعوه للحصول على المدينة المقدسة؛ ليتمكنوا بذلك من السيطرة على الحجاز والوصول إلى اليمن والسيطرة على العربية الغربية والعربية الجنوبية، وإخضاع جزيرة العرب بذلك لنفوذهم. ولقد جمع القوم ورغبهم وأنذرهم وحذرهم بغضب الروم عليهم إن عارضوا مشروعه وقاوموا تنصيبه ملكًا عليهم, قائلًا لهم: "يا قوم، إن قيصر قد علمتم أمانكم ببلاده، وما تصيبون من التجارة في كنفه, وقد ملكني عليكم، وأنا ابن عمكم، وأحدكم، وإنما آخذ منكم الجراب من القرظ والعكة من السمن والأوهاب، فأجمع ذلك ثم أذهب إليه، وأنا أخاف إن أبيتم ذلك أن يمنع منكم الشام، فلا تتجروا به وينقطع مرفقكم منه"1.
وإذا صح أن هذا الكلام هو كلام "عثمان بن الحويرث" حقًّا، وأنه خاطب به قومه لحثهم على الاعتراف به ملكا على مكة، فإنه يكون كلام رجل عرف من أين يكلم قومه، وكيف يأتيهم! فقد هددهم بأن الروم سيمنعونهم من الاتجار مع الشام إن خالفوه ولم يبايعوه ولم يسلموا له بالملك، وقد كلفه "قيصر" به؛ لأنه يعلم أن تجارة قريش مع بلاد الشام هي مصدر من أهم مصادر رزقهم, ولهذا ظن بأنهم سيخضعون له ويقبلون بما جاء به. ولكن أشراف مكة من أصحاب المال والنفوذ، لم يحملوا هذا التهديد محمل الجد، فالروم لا يهمهم أمر "عثمان" كثيرًا، ثم إن تهديدهم بقطع تجارة قريش مع الشام تهديد لا يمكن تحقيقه، وحدود الشام طويلة ومفتوحة، ولعلهم وجدوا أن كلام "عثمان" هو ادعاء لم يصدر عن الروم، تفوه به، من حيث لا يعلمون, فلم يقيموا له وزنًا.
ولم يذكر أهل الأخبار شيئا عن لقب "البطريق" الذي منحوه لـ"عثمان بن الحويرث"2. ولا أظن أن الروم قد منحوه له؛ لأنهم لم يكونوا يمنحون هذا اللقب المهم إلا لكبار العاملين في خدمتهم، ممن أدى لهم خدمات جليلة، ولا أظن أنه يشير إلى درجة دينية؛ لأنه لم يشتهر بين النصارى شهرة كبيرة ولم ينل من العلم والمكانة ما يؤهله لأن يكون "بطريارخًا" على الكنيسة. وقد ذكر

1 الروض الأنف "1/ 146".
2 نسب قريش "209 وما بعدها"، الروض الأنف "1/ 146".
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست