responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 49
تطاع فيها الأحكام، وتنفذ الأوامر، لا لوجود حكومة قوية مركزية مهيمنة لها سلطة على أهل مكة، بل لأن الأحكام والأوامر هي أحكام ذوي الوجه والسن والرئاسة والشرف، وأحكام هؤلاء مطاعة في عرف أهل مكة وفي عرف غيرهم من أهل جزيرة العرب، حكمت بذلك العادة وجرى عليه العرف, ولا مخالفة للعرف والعادة. فالعرف قانون أهل جزيرة العرب حتى اليوم, وانتهاك أحكامهما معناه انتهاك سيادة القانون، وتمرد على الهيئة والنظام، وتحقير الحاكمين وإهانة لهم ولأتباعهم، ليس لأحد الخروج على أوامر سادات القوم وذوي الحسب والشرف والسن والعقل.
ولم تكن في مكة حكومة مركزية بالمعنى المفهوم المعروف من الحكومة، فلم يكن فيها ملك له تاج وعرش، ولا رئيس واحد يحكمها على أنه رئيس جمهورية أو رئيس مدينة، ولا مجلس رئاسة يحكم المدينة حكمًا مشتركًا أو حكمًا بالتناوب، ولا حاكم مدني عام أو حاكم عسكري. ولم يتحدث أهل الأخبار عن وجود مدير عام فيها واجبه ضبط الأمن, أو مدير له سجن يزج فيه الخارجين عن الأنظمة والقوانين أو ما شابه ذلك من وظائف نجدها في الحكومات, وكل أمرها أنها قرية تتألف من شعاب، كل شِعْب لعشيرة, وأمر كل شعب لرؤسائه، هم وحدهم أصحاب الحل والعقد والنهي والتأديب فيه. وليس في استطاعة متمرد مخالفة أحكامهم, وإلا أدبه حيه، وملؤه أي: أشرافه. هولاء الرؤساء هم الحكام الناصحون وهم عقلاء الشعب.
وقد أشير إلى رؤساء مكة في القرآن الكريم في آية: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} 1. فرؤساء مكة هم علماؤها وساداتها, وهم أعلى الناس منزلة ودرجة ومكانة فيها, و"عظماء" مكة أو "عظماء الطائف" هم الطبقة "المختارة" والصفوة المتزعمة في الناس, وإليها وحدها تكون الزعامة والرئاسة والرجاحة في الرأي.
وقانون القوم ودستورهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} 2. فهم محافظون حريصون على كل ما وصل إليهم، لا يريدون له تغييرا ولا تبديلا, مهما بدا لهم في الجديد من منطق وحق. {قَالَ أَوَلَوْ

1 الزخرف، الآية 31.
2 الزخرف, الآية 32.
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست