responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 2  صفحه : 128
الذم والهجاء، وهو عندي أوسع باب من أبواب الشعر يحتمل النقد، وإثارة الشكوك حوله. وقد خبرنا من الكتب أن القبائل كانت تستأجر الشعراء لقول المدح أو الذم، وأنها كانت تعد الشاعر منحة من منح الله على القبيلة؛ لأنه لسانها الناطق والذائد عنها بشعره، يدافع عن قبيلته، ويهاجم أعداءها، ويتهمهم بكل ما يصل إليه فنه من الهجاء ورمي التهم، كائنين ما كانوا قحطانيين أو عدنانيين. وقد اقتضت طبيعة الخصومة التي زادت حدتها في الإسلام بين يمن ومضر وضع شيء كثير من هذا الشعر, شعر المنافرة والمفاخرة بين عدنان وقحطان، وهذا أمر وقع، مفروغ منه، لا شك في صحته وثبوته، اقتضته ظروف السياسة، فيجب الانتباه له حين التحدث عن نزاع قحطان وعدنان1.
وترينا الأخبار أن ما نسميه بنزاع قحطاني وعدناني لم يكن شديدًا في الجاهلية بين القبائل التي كانت تقيم في الأنحاء الشمالية من جزيرة العرب، أي: بين تلك القبائل التي أرجع النسابون نسبها بحق أو بغير حق إلى عدنان أو قحطان، بمثل تلك الشدة التي تظهر في النزاع الذي تحدثوا عنه بين القبائل التي كانت تعيش في اليمن أو في الحجاز. وهذا أمر ذو بال، يجب أن يحسب له كل حساب عند الحديث عن نزاع عدنان وقحطان2.
وترينا الأخبار كذلك أن الخصومات التي وقعت بين القبائل العدنانية نفسها، أو بين القبائل القحطانية نفسها، لم تكن أقل عنفًا وضراوةً من ذلك النزاع الذي وقع بين من نسميهم بالقحطانيين ومن نسميهم بالعدنانيين. لقد اتخذ شكلا عنيفا، شكلا يجعلك تشعر أن تلك القبائل كانت تشعر أنها قبائل متباعدة لا يجمعها شمل، ولا يربط بينها نسب، ولا تجمعها جامعة دماء على النحو الذي يرويه ويذكره أهل الأنساب والأخبار.
والغريب أنك في كل ذلك النزاع المر العنيف، لا تسمع فيه انتساب كل العرب إلى عدنان أو قحطان، وإنما تسمع فيه فخرًا بأسماء القبائل أو بأسماء الأحلاف الداخلة في عدنان أو في قحطان، تسمع فيه اسم "معد" أو اسم "يمن" أو "نزار" أو "مضر" أو غير ذلك، ولا تسمع فيه اسم الجدين

1 muh. Stud. I, s. 91
2 muh. Stud. I, s. 91
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 2  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست