responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 37
الحنفاء، ويقولون: أنه لبس المسوح تعبدًا، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل وحرم الخمر1. ويلاحظ أن الإخباريين ينسبون إلى عدد من هؤلاء الأحناف لبس الموح، مما يشير إلى أنهم كانوا قد تأثروا بالرهبان المتقشفين وبالزهاد النصارى الناسكين، فأخذوا عنهم هذه الطريقة التي أشير إلهيا في القرآن الكريم وفي الحديث، والتي عدت من البدع الممقوتة في الإسلام.
وقد أورد أهل الأخبار كلامًا ذكروا أن الأحناف قالوه، هو من نوع كلام الكهان المرتب على طريقة السجع، أوردوه بنصه على ما ذكروه. غير أن من الصعب تصور صدور ذلك الكلام المنمق من أناس عاشوا قبل الإسلامن ومحافظة الناس عليه محافظة تامة إلى ما بعد الإسلام. ويظهر على كل حال من دراسة روايات أهل الأخبار عن الكهان والأحناف أن كلام رجال الدين قبل الإسلام كان على هذا النمط من السجع، ومن جمل مكررة معادة عامة. وقد ظل الجسع الطريقة المحببة في الكتابة إلى أيامنا هذه عند بعض الكتاب.
ويفهم من كلام الرواة أن بعض هؤلاء الحنفاء كانوا نصارى مثل ورقة بن نوفل، أي على عكس ما يذكره الرواة أنفسهم من أن هؤلاء كانوا قد تجنبوا اليهودية والنصرانية متبعين ديانة إبراهيم2. والظاهر أن الرواة قد اشتبه عليهم الأمر، فخلطوا في بعض الأحيان بين النصرانية وبين هؤلاء الذين أنكروا عبادة الأصنام واعتقدوا التوحيد.
ولدينا أمثلة أخرى على هذا الوهم. وسنرى من تراجم عدد من الأحناف أن منهم من يحب إدخاله في عداد النصارى. لا الأحناف. وقد نص أهل الأخبار أنفسهم على تنصرهم، غير أنهم أدخلوهم مع ذلك في جملة الأحناف حين تكلموا عنهم. فكأنهم عنوا بالأحناف من كان على حياة الرهبنة والتقشف.
وقد أدخل "المسعودي" بعض الأحناف في جماعة أهل الفترة ممن كان بين المسيح ومحمد، ومن أهل التوحيد، ممن يقر بالبعث. ثم قال: "وقد اختلف الناس فيهم، فمن الناس من رأى أنهم أنبياء، ومنهم من رأى غير ذلك"3.

1
كل دين يوم القيامة عند اللـ ... ـه إلا دين الحنيفة زور
الأغاني "4/ 122" "طبعة دار الكتب المصرية".
2 بلوغ الأرب "2/ 270".
3 مروج "1/ 78"، "دار الأندلس".
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست