responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 167
معابدهم، ورجال دينه أرقى من رجال دينهم، وبذلك يأتون إليها. وللبهرجة والفخفخة أثر عظيم في كثير من الناس, فالعين عند أكثر البشر، تقوم مقام العقل. وقد يكون ما قام به الأحباش في اليمن من إنشاء الكنائس العظيمة فيها وتفننهم في تزويقها وتجميلها وفي فرشها بأفخر الرياش والفراش لصرف الناس عن الكعبة كما يزعم أهل الأخبار دليلا على ما أقول.
وقد وجدت النصرانية لها سبيلا بين عرب بلاد الشام وعرب بادية الشام والعراق. فدخلت بين "سليح"، و"الغساسنة"، و"تغلب"، و"تنوخ"، و"لخم"، و"إياد"1. وقد انتشرت بين عرب بلاد الشام بنسبة تزيد على نسبة انتشارها بين عرب بلاد العراق، وهو شيء طبيعي، فقد كانت بلاد الشام تحت حكم البيزنطيين، وديانتهم الرسمية، هي الديانة النصرانية، وكانوا يعملون على نشرها وترويجها بين شعوب "إمبراطوريةهم"، وبين الشعوب الأخرى، لا سيما الشعوب التي لهم مصالح اقتصادية معها. ففي نشر النصرانية بينهم وادخالهم فيها، تقريب لتلك الشعوب منهم، وتوسيع لنفوذهم السياسي بينهم، وتقوية لمعسكرهم المناهض لخصومهم الفرس، أقوى دولة معادية لهم في ذلك الوقت. ولهذا سعت القسطنطينة لإدخال عربهم في النصرانية، وعملت كل ما أمكنها عمله للتأثير على سادات القبائل لإدخالهم في دينهم، بدعوتهم لزيارة كنائسهم وبإرسال المبشرين اللبقين إليهم، لاقناعهم بالدخول فيها، وبإرسال الأطباء الحاذقين إليهم لمعالجتهم، وللتأثير عليهم بذلك في اعتناق النصرانية، كما دعوهم لزيارة العاصمة، لمشاهدة معالمها ولأنهار عقولهم بمشاهدة كنائسها، والاتصال بكبار رجال الدين فيها، لتعليمهم أصول النصرانية. وأظهروا لهم مختلف وسائل المعونة والمساعدة إن دخلوا في ديانتهم، وبذلك أدخلوهم في النصرانية فصاروا إخوانا للروم في الدين.
نعم، دخل سادات القبائل والحكام العرب التابعون لهم في هذه الديانة، فصاروا نصارى، ولكنهم لم يأخذوا نصرانية الروم، بل أخذوا نصرانية شرقية مخالفة لكنيسة "القسطنطية"، فاعتنقوها مذهبا لهم. وهي نصرانية عدت "هرطقة" وخروجا على النصرانية الصحيحة "الأرثوذكسية" في نظر الروم. نصرانية متأثرة

1 اليعقوبي "1/ 227"، "أديان العرب".
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست