responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 361
فالذي يطوف بالبيت عريانًا، هو ضعيف "الحلة"، ممن لا قبل له على استكراء ثياب له من أحمسي، وممن لا صاحب له من الحمس، يعطيه ثيابًا ليلبسها. أما المتمكن من "الحلة" ومن له صديق من الحمس، فلا يطوف عريانًا، وإنما يطوف بثياب أحمسي.
ويرى "روبرتسن سمث" أن الذي أوحى إلى الجاهليين وجوب طرح ملابس الحلة إذا أحرم فيها. واعتقادهم بتقدس تلك الملابس في أثناء الإحرام مما يجعلها في حاكم الـ"تابو" Tabu عند الأقوام البدائية، ولذلك لا يجوز استعمالها مرة أخرى، وهم أنفسهم قوم غير مقدسين1.
وقد منع الإسلام طواف "العري" في أي وقت كان، وحتم على الجميع قريش وغيرهم لبس "الإحرام"2. وقد ذكر علماء التفسير في تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} 3. أن هذه الآية نزلت في حق المتعرين الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة، "فإذا قيل لهم: لِمَ تفعلون ذلك؟ قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها"، "فنحن نفعل مثل ما كانوا يفعلون، ونقتدي بهديهم ونستن بسنتهم. والله أمرنا به فنحن نتبع أمره فيه"4. فنحن إذن أمام سنة جاهلية قديمة، ترجع طواف العري إلى أمر سابق وشريعة سابقة.
وأما "الحمس"، فهم الذين كانوا يطوفون بثيابهم، ثم يحتفظون بها فلا يلقونها، فلهم من هذه الناحية ميزة امتازوا بها على الحلة، ولهم على الحلة ميزة أخرى، هي أنهم كانوا يقفون الموقف في طرف الحرم من "غرة": يقفون به عشية عرفة، ويظلون به يوم عرفة في الأراك من نمرة، ويفيضون منه إلى المزدلفة5. ولا يقفون موقف غيرهم بعرفة، فقصروا عن مناسك الحج والموقف من عرفة وهو من الحل. وحجتهم أنهم أهل الحرم فلا يخرجون منه مثل سائر.

1 R. Smith, p. 751.
2 الأزرقي، أخبار مكة "1/ 111".
3 الأعراف، الرقم 27 الآية 28".
4 تفسير الطبري "8/ 114"، تفسير القرطبي، الجامع "7/ 187".
5 الأزرقي "1/ 116 وما بعدها" "2/ 158 وما بعدها"، النهاية "1/ 233"، شرح النووي، "8/ 180" وما بعدها"، Enci, II, p. 335.
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 11  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست