responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، عزالدین    جلد : 3  صفحه : 186
الْأَعْضَاءِ، وَبَنَاتُكَ سَبَايَا، وَذُرِّيَّتُكَ مُقَتَّلَةٌ تَسْفِي عَلَيْهَا الصَّبَا! فَأَبْكَتْ كُلَّ عَدُوٍّ وَصَدِيقٍ.
فَلَمَّا أَدْخَلُوهُمْ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ لَبِسَتْ زَيْنَبُ أَرْذَلَ ثِيَابِهَا وَتَنَكَّرَتْ وَحُفَّتْ بِهَا إِمَاؤُهَا، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: مَنْ هَذِهِ الْجَالِسَةُ؟ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَهِيَ لَا تُكَلِّمُهُ، فَقَالَ بَعْضُ إِمَائِهَا: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُ فَاطِمَةَ.
فَقَالَ لَهَا ابْنُ زِيَادٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَقَتَلَكُمْ وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ! فَقَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمْنَا بِمُحَمَّدٍ وَطَهَّرَنَا تَطْهِيرًا، لَا كَمَا تَقُولُ، وَإِنَّمَا يُفْتَضَحُ الْفَاسِقُ وَيُكَذَّبُ الْفَاجِرُ.
فَقَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَهْلِ بَيْتِكِ؟ قَالَتْ: كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَتَخْتَصِمُونَ عِنْدَهُ.
فَغَضِبَ ابْنُ زِيَادٍ وَقَالَ: قَدْ شَفَى اللَّهُ غَيْظِي مِنْ طَاغِيَتِكِ وَالْعُصَاةِ الْمَرَدَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ.
فَبَكَتْ وَقَالَتْ: لَعَمْرِي لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِي، وَأَبْرَزْتَ أَهْلِي، وَقَطَعْتَ فَرْعِي، وَاجْتَثَثْتَ أَصْلِي، فَإِنْ يَشْفِكَ هَذَا فَقَدِ اشْتَفَيْتَ.
فَقَالَ لَهَا: هَذِهِ شَجَاعَةٌ، لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ شُجَاعًا! فَقَالَتْ: مَا لِلْمَرْأَةِ وَالشَّجَاعَةُ!
وَلَمَّا نَظَرَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ.
قَالَ: أَوَلَمَ يَقْتُلِ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ؟ فَسَكَتَ.
فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ النَّاسُ.
فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ.
فَسَكَتَ عَلِيٌّ.
فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] ، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 145] . قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ مِنْهُمْ.
ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: وَيْحَكَ! انْظُرْ هَذَا هَلْ أَدْرَكَ؟ إِنِّي لَأَحْسَبُهُ رَجُلًا.
قَالَ فَكَشَفَ عَنْهُ مُرِّيُّ بْنُ مُعَاذٍ الْأَحْمَرِيُّ فَقَالَ: نَعَمْ قَدْ أَدْرَكَ.
قَالَ: اقْتُلْهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَنْ تُوكِلُ بِهَذِهِ النِّسْوَةِ؟ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ زَيْنَبُ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ زِيَادٍ حَسْبُكَ مِنَّا، أَمَا رَوِيتَ مِنْ دِمَائِنَا، وَهَلْ أَبْقَيْتَ مِنَّا أَحَدًا! وَاعْتَنَقَتْهُ وَقَالَتْ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا إِنْ قَتَلْتَهُ لَمَا قَتَلْتَنِي مَعَهُ! وَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا ابْنَ زِيَادٍ إِنْ كَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُنَّ قَرَابَةٌ فَابْعَثْ مَعَهُنَّ رَجُلًا تَقِيًّا يَصْحَبُهُنَّ بِصُحْبَةِ الْإِسْلَامِ.
فَنَظَرَ إِلَيْهَا سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: عَجَبًا لِلرَّحِمِ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا وَدَّتْ لَوْ أَنِّي قَتَلْتُهُ أَنِّي قَتَلْتُهَا مَعَهُ، دَعُوا الْغُلَامَ يَنْطَلِقُ مَعَ نِسَائِهِ.
ثُمَّ نَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ، وَنَصَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ وَحِزْبَهُ، وَقَتَلَ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَشِيعَتَهُ.
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، عزالدین    جلد : 3  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست