responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 333
فَقَالَ لَهُ الْبَوَّابُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ الْبَطَّالُ: فَقُلْتُ أَنَا سَيَّافُ الْمَلِكِ وَرَسُولُهُ إِلَى الْبِطْرِيقِ، فأخذ لِي طَرِيقًا إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ إِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ فَجَلَسْتُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ إِلَى جَانِبِهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ فِي رِسَالَةٍ فَمُرْ هَؤُلَاءِ فَلْيَنْصَرِفُوا، فَأَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ فَذَهَبُوا، قَالَ: ثُمَّ قَامَ فأغلق بَابَ الْكَنِيسَةِ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ مكانه، فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي وَضَرَبْتُ بِهِ رَأَسَهُ صَفْحًا وَقُلْتُ له: أنا البطال فأصدقنى عن السرية التي أرسلتها إلى بلادك وإلا ضربت عنقك الساعة، فأخبرني مَا خَبَرُهَا، فَقَالَ: هُمْ فِي بِلَادِي يَنْتَهِبُونَ مَا تَهَيَّأَ لَهُمْ، وَهَذَا كِتَابٌ قَدْ جَاءَنِي يُخْبِرُ أَنَّهُمْ فِي وَادِي كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُكَ. فَقُلْتُ: هَاتِ الْأَمَانَ، فَأَعْطَانِي الْأَمَانَ، فقلت: ايتني بِطَعَامٍ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ فَوُضِعَ لِي، فأكلت فقمت لِأَنْصَرِفَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اخْرُجُوا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الْمَلِكِ، فَانْطَلَقُوا يَتَعَادُّونَ بَيْنَ يَدَيَّ، وَانْطَلَقْتُ إِلَى ذَلِكَ الْوَادِي الَّذِي ذُكِرَ فَإِذَا أَصْحَابِي هُنَالِكَ، فَأَخَذَتْهُمْ وَرَجَعْتُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ. فَهَذَا أَغْرَبُ مَا جَرَى قَالَ الْوَلِيدُ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ رَأَى الْبَطَّالَ وَهُوَ قَافِلٌ مَنْ حَجَّتِهِ، وَكَانَ قَدْ شُغِلَ بِالْجِهَادِ عَنِ الْحَجِّ، وَكَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ دَائِمًا الْحَجَّ ثُمَّ الشَّهَادَةَ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتُشْهِدَ فِيهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ سَبَبُ شَهَادَتِهِ أَنَّ لِيُونَ مَلِكَ الرُّومِ خَرَجَ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي مِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، فَبَعَثَ الْبِطْرِيقُ- الَّذِي الْبَطَّالُ مُتَزَوِّجٌ بِابْنَتِهِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَمْرَهَا- إِلَى الْبَطَّالِ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَأَخْبَرَ الْبَطَّالُ أَمِيرَ عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، وَكَانَ الْأَمِيرُ مَالِكَ بْنَ شبيب، وقال له: الْمَصْلَحَةَ تَقْتَضِي أَنْ نَتَحَصَّنَ فِي مَدِينَةِ حَرَّانَ، فَنَكُونُ بِهَا حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ هشام في الجيوش الإسلامية، فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَدَهَمَهُمُ الْجَيْشُ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شديدا والأبطال تحوم بين يدي البطال وَلَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ أَنْ يُنَوِّهَ بِاسْمِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنَ الرُّومِ، فَاتَّفَقَ أَنْ نَادَاهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ اسْمَهُ غَلَطًا مِنْهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ فُرْسَانُ الرُّومِ حَمَلُوا عَلَيْهِ حَمْلَةً وَاحِدَةً، فَاقْتَلَعُوهُ من سرجه برماحهم فألقوه إلى الأرض، ورأى الناس يقتلون وَيَأْسِرُونَ، وَقُتِلَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ مَالِكُ بْنُ شَبِيبٍ، وَانْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ وَانْطَلَقُوا إِلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ الْخَرَابِ فتحصنوا فيها، وأصبح اليون فَوَقَفَ عَلَى مَكَانِ الْمَعْرَكَةِ فَإِذَا الْبَطَّالُ بِآخِرِ رَمَقٍ فَقَالَ لَهُ لِيُونُ: مَا هَذَا يَا أَبَا يَحْيَى؟ فَقَالَ: هَكَذَا تُقْتَلُ الْأَبْطَالُ، فَاسْتَدْعَى ليون بالأطباء ليداووه فإذا جراحة قد وصلت إِلَى مَقَاتِلِهِ، فَقَالَ لَهُ لِيُونُ: هَلْ مِنْ حاجة يا أبا يحيى؟ قال: نعم، فأمر من معك من الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلُوا غَسْلِيَ وَالصَّلَاةَ عَلَيَّ وَدَفْنِي، ففعل الملك ذلك وَأَطْلَقَ لِأَجْلِ ذَلِكَ أُولَئِكَ الْأُسَارَى، وَانْطَلَقَ لِيُونُ إلى جيش المسلمين الذين تحصنوا فحاصرهم، فبينما هم في تلك الشدة والحصار إِذْ جَاءَتْهُمُ الْبُرُدُ بِقُدُومِ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ فِي الْجُيُوشِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَفَرَّ لِيُونُ فِي جَيْشِهِ الخبيث هاربا راجعا إلى بلاده، قبحه الله، فدخل القسطنطينية وتحصن بها.
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست