responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 266
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الْكُسَعِيِّ لَمَّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ
وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا ... كَآدَمَ حِينَ أخرجه الضرار
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لَمَّا مَاتَتِ النَّوَارُ بِنْتُ أَعْيَنَ بْنِ ضُبَيْعَةَ الْمُجَاشِعِيُّ امْرَأَةُ الْفَرَزْدَقِ- وَكَانَتْ قَدْ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ البصري- فشهدها أعيان أهل البصرة مع الحسن والحسن على بغلته، والفرزدق على بعيره، فسار فَقَالَ الْحَسَنُ لِلْفَرَزْدَقِ: مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَهِدَ هَذِهِ الْجِنَازَةَ الْيَوْمَ خَيْرُ النَّاسِ- يعنونك- وشر النَّاسِ- يَعْنُونِي- فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا فِرَاسٍ لست أنا بخير الناس ولست أنت بِشَرِّ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا الْحَسَنُ مَالُوا إِلَى قَبْرِهَا فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ:
أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَمْ يُعَافِنِي ... أَشَدَّ مِنَ الْقَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا
إِذَا جَاءَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِدٌ ... عَنِيفٌ وَسَوَّاقٌ يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد دارم مَنْ مَشَى ... إِلَى النَّارِ مَغْلُولَ الْقِلَادَةِ أَزْرَقَا
يساق إلى نار الجحيم مسر بلا ... سَرَابِيلَ قَطْرَانٍ لِبَاسًا مُخَرَّقَا
إِذَا شَرِبُوا فِيهَا الصَّدِيدَ رَأَيْتَهُمْ ... يَذُوبُونَ مِنْ حَرِّ الصَّدِيدِ تَمَزُّقَا
قَالَ: فَبَكَى الْحَسَنُ حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ الْتَزَمَ الْفَرَزْدَقَ، وَقَالَ: لَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلى. وقال له بعض الناس: أَلَا تَخَافُ مِنَ اللَّهِ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ للَّه أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَيْنَيَّ اللَّتَيْنِ أُبْصِرُ بِهِمَا، فَكَيْفَ يُعَذِّبُنِي؟ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ قَبْلَ جَرِيرٍ بأربعين يوما، وقيل بأشهر فاللَّه أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْحَسَنُ وَابْنُ سَيْرَيْنَ فَقَدْ ذَكَرْنَا ترجمة كل منهما في كتابنا التكميل مبسوطة وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
فَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ أبى الحسن
فاسم أبيه يسار وأبرد هو أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَيُقَالُ مَوْلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ غير ذلك، وأمه خيرة مولاة لأم سلمة كانت تخدمها، وربما أَرْسَلَتْهَا فِي الْحَاجَةِ فَتَشْتَغِلُ عَنْ وَلَدِهَا الْحَسَنِ وهو رضيع، فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرتضع منهما، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ وَالْعُلُومَ الَّتِي أُوتِيَهَا الْحَسَنُ مِنْ بَرَكَةِ تِلْكَ الرَّضَاعَةِ مِنَ الثَّدْيِ الْمَنْسُوبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَانَ وَهُوَ صَغِيرٌ تُخْرِجُهُ أُمُّهُ إِلَى الصَّحَابَةِ فَيَدْعُونَ لَهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَدْعُو لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: اللَّهمّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَحَبِّبْهُ إِلَى النَّاسِ. وَسُئِلَ مَرَّةً أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: سَلُوا عَنْهَا مَوْلَانَا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ سمع وسمعنا، فحفظ ونسينا، وقال أنس مُرَّةَ: إِنِّي لَأَغْبِطُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِهَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ- الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ- وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا جَالَسْتُ رَجُلًا فَقِيهًا إِلَّا رَأَيْتُ فَضْلَ الْحَسَنِ عَلَيْهِ،
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست