responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 162
بِلَادَ الرُّومِ، وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَيْضًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: غَزَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا بِلَادَ مَلَطْيَةَ وَغَيْرَهَا، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ أو من باللَّه مُخْلِصًا. وَقِيلَ كَانَ نَقْشُهُ يَا وَلِيدُ إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَيُقَالُ إِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ للَّه وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمًا:
فِي كَمْ تَخْتِمُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ فِي كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى شُغْلِهِ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ، وَقِيلَ فِي كُلِّ سَبْعٍ، قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَتْمَةً. قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْوَلِيدُ وَأَيْنَ مِثْلُهُ؟ بَنَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ، وَكَانَ يُعْطِينِي قطع الْفِضَّةِ فَأُقَسِّمُهَا عَلَى قُرَّاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
خَرَجَ الْوَلِيدُ يَوْمًا مِنَ الْبَابِ الْأَصْغَرِ فَرَأَى رَجُلًا عِنْدَ الْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ يَأْكُلُ شَيْئًا، فَأَتَاهُ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَتُرَابًا، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: الْقُنُوعُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَذَهَبَ إِلَى مَجْلِسِهِ ثُمَّ اسْتَدْعَى بِهِ فَقَالَ: إِنْ لَكَ لَشَأْنًا فَأَخْبِرْنِي بِهِ وَإِلَّا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كنت رجلا حمالا، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مِنْ مَرْجِ الصُّفَّرِ قَاصِدًا إلى الكسوة، إذ زرمنى الْبَوْلُ فَعَدَلْتُ إِلَى خَرِبَةٍ لِأَبُولَ، فَإِذَا سَرَبٌ فَحَفَرْتُهُ فَإِذَا مَالٌ صَبِيبٌ، فَمَلَأْتُ مِنْهُ غَرَائِرِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَقُودُ بِرَوَاحِلِي وَإِذَا بِمِخْلَاةٍ مَعِي فِيهَا طَعَامٌ فَأَلْقَيْتُهُ مِنْهَا، وَقُلْتُ: إِنِّي سَآتِي الْكُسْوَةَ، وَرَجَعْتُ إِلَى الْخَرِبَةِ لِأَمْلَأَ تِلْكَ الْمِخْلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَمْ أَهْتَدِ إِلَى الْمَكَانِ بَعْدَ الْجَهْدِ فِي الطَّلَبِ، فَلَمَّا أَيِسْتُ رَجَعْتُ إِلَى الرَّوَاحِلِ فَلَمْ أَجِدْهَا وَلَمْ أَجِدِ الطَّعَامَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنِّي لَا آكُلُ إِلَّا خُبْزًا وَتُرَابًا. قَالَ: فَهَلْ لَكَ عِيَالٌ؟ قَالَ نَعَمْ، فَفَرَضَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ ابن جرير: وَبَلَغَنَا أَنَّ تِلْكَ الرَّوَاحِلَ سَارَتْ حَتَّى أَتَتْ بيت المال فتسلمها حارسه فوضعها في بيت المال، وقيل إن الوليد قال له: ذلك المال وصل إلينا واذهب إلى إبلك فخذها، وقيل إنه دفع إليه شيئا من ذلك المال يقيته وعياله. وقال نمير بن عبد الله الشعناني عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْمَ لُوطٍ في القرآن ما ظننت أن ذكرا يفعل هذا بذكر.
[قلت: فنفى عن نفسه هذه الخصلة القبيحة الشنيعة، والفاحشة المذمومة، التي عذب الله أهلها بأنواع العقوبات، وأحل بهم أنواعا من المثلات، التي لم يعاقب بها أحدا من الأمم السالفات، وهي فاحشة اللواط التي قد ابتلى بها غالب الملوك والأمراء، والتجار والعوام والكتاب، والفقهاء والقضاة ونحوهم، إلا من عصم الله منهم، فان في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد، ولهذا تنوعت عقوبات فاعليه، ولأن يقتل المفعول به خير من أن يؤتى في دبره، فإنه يفسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا، إلا أن يشاء الله، ويذهب خبر المفعول به. فعلى الرجل حفظ ولده في حال صغره وبعد بلوغه، وأن يجنبه مخالطة هؤلاء الملاعين، الذين لعنهم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست