responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 304
مُرْتَفِعًا لِئَلَّا يَدْخُلَ إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ فَيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: «أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ قَصَرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ. وَلَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَأَدْخَلْتُ فِيهَا الْحِجْرَ» وَلِهَذَا لَمَّا تَمَكَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَنَاهَا عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتْ فِي غَايَةِ الْبَهَاءِ وَالْحُسْنِ وَالسَّنَاءِ كَامِلَةً عَلَى قَوَاعِدِ الْخَلِيلِ.
لَهَا بَابَانِ مُلْتَصِقَانِ بِالْأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا. يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجُونَ مِنَ الْآخَرِ. فَلَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ- وَهُوَ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ- فِيمَا صَنَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. فَأَمَرَ بِإِعَادَتِهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَعَمَدُوا إِلَى الْحَائِطِ الشَّامِيِّ فَحَصُّوهُ وَأَخْرَجُوا مِنْهُ الْحِجْرَ وَرَصُّوا حِجَارَتَهُ فِي أَرْضِ الْكَعْبَةِ. فارتفع باباها وَسَدُّوا الْغَرْبِيَّ وَاسْتَمَرَّ الشَّرْقِيُّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ- أَوْ ابنه الْمَنْصُورِ- اسْتَشَارَ مَالِكًا فِي إِعَادَتِهَا عَلَى مَا كَانَ صَنَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَهَا الْمُلُوكُ مَلْعَبَةً. فَتَرَكَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ. فَهِيَ إِلَى الْآنِ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ: فَأَوَّلُ مَنْ أَخَّرَ الْبُيُوتَ مِنْ حَوْلِ الْكَعْبَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، اشْتَرَاهَا مَنْ أَهْلِهَا وَهَدَمَهَا فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ اشْتَرَى دُورًا وَزَادَهَا فِيهِ. فَلَمَّا وَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحْكَمَ بُنْيَانَهُ، وَحَسَّنَ جُدْرَانَهُ وَأَكْثَرَ أَبْوَابَهُ. وَلَمْ يُوَسِّعْهُ شَيْئًا آخَرَ. فَلَمَّا اسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ زَادَ فِي ارْتِفَاعِ جُدْرَانِهِ وَأَمَرَ بِالْكَعْبَةِ فَكُسِيَتِ الدِّيبَاجَ. وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى ذَلِكَ بِأَمْرِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّةَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) 2: 127 وذكرنا ذلك مطولا مستقصى فمن شاء كتبه هاهنا وللَّه الحمد والمنة.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبُنْيَانِ وَبَنَوْهَا عَلَى مَا أَرَادُوا قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَيَّةِ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا:
عَجِبْتُ لِمَا تَصَوَّبَتِ الْعُقَابُ ... إِلَى الثُّعْبَانِ وَهِيَ لَهَا اضْطِرَابُ
وَقَدْ كَانَتْ تَكُونُ لَهَا كَشِيشٌ ... وَأَحْيَانًا يَكُونُ لَهَا وِثَابُ
إِذَا قُمْنَا إِلَى التَّأْسِيسِ شَدَّتْ ... تُهَيِّبُنَا الْبِنَاءَ وَقَدْ نَهَابُ
فَلَمَّا ان خشينا الزجر جَاءَتْ ... عُقَابٌ تَتْلَئِبُّ لَهَا انْصِبَابُ
فَضَمَّتْهَا إِلَيْهَا ثُمَّ خَلَّتْ ... لَنَا الْبُنْيَانَ لَيْسَ لَهَا حِجَابُ
فَقُمْنَا حَاشِدِينَ إِلَى بِنَاءٍ ... لَنَا مِنْهُ الْقَوَاعِدُ والتراب
غداة يرفع التَّأْسِيسَ مِنْهُ ... وَلَيْسَ عَلَى مُسَاوِينَا ثِيَابُ
أَعَزَّ بِهِ الْمَلِيكُ بَنِي لُؤَيٍّ ... فَلَيْسَ لِأَصْلِهِ مِنْهُمْ ذَهَابُ
وَقَدْ حَشَدَتْ هُنَاكَ بَنُو عَدِيٍّ ... وَمُرَّةُ قَدْ تَقَدَّمَهَا كِلَابُ
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست