responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 122
قال الله تعالى كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ 7: 163 أَيْ نَخْتَبِرُهُمْ بِكَثْرَةِ الْحِيتَانِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ 7: 163 أَيْ بِسَبَبِ فِسْقِهِمُ الْمُتَقَدِّمِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ احْتَالُوا عَلَى اصْطِيَادِهَا فِي يَوْمِ السَّبْتِ بِأَنْ نَصَبُوا الْحِبَالَ وَالشِّبَاكَ وَالشُّصُوصَ وَحَفَرُوا الْحُفَرَ الَّتِي يَجْرِي مَعَهَا الْمَاءُ إِلَى مَصَانِعَ قَدْ أَعَدُّوهَا إِذَا دَخَلَهَا السَّمَكُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَفَعَلُوا ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا جَاءَتِ الْحِيتَانُ مُسْتَرْسِلَةً يَوْمَ السَّبْتِ عَلِقَتْ بِهَذِهِ الْمَصَايِدِ فَإِذَا خَرَجَ سَبْتُهُمْ أَخَذُوهَا فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ لَمَّا احْتَالُوا عَلَى خِلَافِ أَمْرِهِ وَانْتَهَكُوا مَحَارِمَهُ بِالْحِيَلِ الَّتِي هِيَ ظَاهِرَةٌ لِلنَّاظِرِ وَهِيَ فِي الْبَاطِنِ مُخَالَفَةٌ مَحْضَةٌ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ افْتَرَقَ الَّذِينَ لَمْ يَفْعَلُوا فِرْقَتَيْنِ. فِرْقَةٌ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ صَنِيعَهُمْ هَذَا وَاحْتِيَالَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. وَفِرْقَةٌ أُخْرَى لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يَنْهَوْا بَلْ أَنْكَرُوا عَلَى الَّذِينَ نَهَوْا وَقَالُوا (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) 7: 164 يقولون مَا الْفَائِدَةُ فِي نَهْيِكُمْ هَؤُلَاءِ وَقَدِ اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ لَا مَحَالَةَ فَأَجَابَتْهُمُ الطَّائِفَةُ الْمُنْكِرَةُ بِأَنْ قالوا (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) 7: 164 أَيْ فِيمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَنَقُومُ بِهِ خَوْفًا مِنْ عذابه (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) 7: 164 أَيْ وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ يَتْرُكُونَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ فَيَقِيهِمُ اللَّهُ عَذَابَهُ وَيَعْفُو عَنْهُمْ إِذَا هُمْ رَجَعُوا وَاسْتَمَعُوا. قَالَ اللَّهُ تعالى فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا به 7: 165 أَيْ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَنْ نَهَاهُمْ عَنْ هَذَا الصَّنِيعِ الشَّنِيعِ الْفَظِيعِ (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) 7: 165 وَهُمُ الْفِرْقَةُ الْآمِرَةُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيَةُ عَنِ الْمُنْكَرِ (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) 7: 165 وهم المرتكبون الفاحشة (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) 7: 165 وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمُؤْلِمُ الْمُوجِعُ (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) 7: 165. ثُمَّ فَسَّرَ الْعَذَابَ الَّذِي أَصَابَهُمْ بِقَوْلِهِ (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) 7: 166. وسنذكر ما ورد من الآيات فِي ذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَهْلَكَ الظَّالِمِينَ وَنَجَّى الْمُؤْمِنِينَ الْمُنْكِرِينَ وَسَكَتَ عَنِ السَّاكِتِينَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِمُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنَ النَّاجِينَ وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنَ الْهَالِكِينَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَامُ الْمُفَسِّرِينَ وذلك عن مُنَاظَرَةِ مَوْلَاهُ عِكْرِمَةُ فَكَسَاهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حُلَّةً سَنِيَّةً تَكْرِمَةً. قُلْتُ وَإِنِمَّا لَمْ يُذْكَرُوا مَعَ النَّاجِينَ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَرِهُوا بِبَوَاطِنِهِمْ تِلْكَ الْفَاحِشَةَ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا ظَوَاهِرَهُمْ بِالْعَمَلِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الْإِنْكَارِ الْقَوْلِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ الَّتِي أَعْلَاهَا الْإِنْكَارُ بِالْيَدِ ذَاتِ الْبَنَانِ وَبَعْدَهَا الْإِنْكَارُ الْقَوْلِيِّ بِاللِّسَانِ وَثَالِثُهَا الْإِنْكَارُ بِالْجَنَانِ فَلَمَّا لَمْ يذكروا نجوا مَعَ النَّاجِينَ إِذْ لَمْ يَفْعَلُوا الْفَاحِشَةَ بَلْ أنكروها. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ رُومَانَ وَشَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ مَا مَضْمُونُهُ أَنَّ الَّذِينَ ارْتَكَبُوا هَذَا الصُّنْعَ اعْتَزَلَهُمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْبَلَدِ وَنَهَاهُمْ مَنْ نَهَاهُمْ مِنْهُمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا فَكَانُوا يَبِيتُونَ وَحْدَهُمْ وَيُغْلِقُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ أَبْوَابًا حَاجِزًا لِمَا كَانُوا يَتَرَقَّبُونَ مِنْ هَلَاكِهِمْ فَأَصْبَحُوا ذَاتَ يَوْمٍ وَأَبْوَابُ نَاحِيَتِهِمْ مُغْلَقَةٌ لَمْ يَفْتَحُوهَا وَارْتَفَعَ النَّهَارُ وَاشْتَدَّ الضُحَاءُ فَأَمَرَ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْبَلَدِ رَجُلًا أَنْ يَصْعَدَ عَلَى سَلَالِمَ وَيُشْرِفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ إِذَا هُمْ قِرَدَةٌ لَهَا أَذْنَابٌ يَتَعَاوَوْنَ وَيَتَعَادَوْنَ فَفَتَحُوا عَلَيْهِمُ الأبواب
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست