responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 50
وكانت تِلْكَ كَرَامَةً فِي حَقِّنَا، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى هَلَاكِ الشَّيْخِ فَانْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ مَقَاصِدُهُمُ الْخَبِيثَةُ وَانْعَكَسَتْ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَأَصْبَحُوا وَأَمْسَوْا وما زالوا عند الله وعند الناس الْعَارِفِينَ سُودَ الْوُجُوهِ يَتَقَطَّعُونَ حَسَرَاتٍ وَنَدَمًا عَلَى مَا فَعَلُوا، وَانْقَلَبَ أَهْلُ الثَّغْرِ أَجْمَعِينَ إِلَى الْأَخِ مُقْبِلِينَ عَلَيْهِ مُكْرِمِينَ لَهُ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ يَنْشُرُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ما تقربه أَعْيُنُ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ شَجًى فِي حُلُوقِ الْأَعْدَاءِ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ وَجَدَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِبْلِيسَ قَدْ بَاضَ فِيهَا وَفَرَّخَ وَأَضَلَّ بِهَا فِرَقَ السَّبْعِينِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ فَمَزَّقَ اللَّهُ بِقُدُومِهِ عَلَيْهِمْ شَمْلَهُمْ، وَشَتَّتَ جُمُوعَهُمْ شَذَرَ مَذَرَ، وَهَتَكَ أَسْتَارَهُمْ وَفَضَحَهُمْ، وَاسْتَتَابَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْهُمْ، وَتَوَّبَ رَئِيسًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَاسْتَقَرَّ عِنْدَ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَخَوَاصِّهِمْ مِنْ أَمِيرٍ وَقَاضٍ وفقيه، ومفتى وَشَيْخٍ وَجَمَاعَةِ الْمُجْتَهِدِينَ، إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنَ الْأَغْمَارِ الْجُهَّالِ، مَعَ الذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ- مَحَبَّةُ الشَّيْخِ وَتَعْظِيمُهُ وَقَبُولُ كَلَامِهِ وَالرُّجُوعُ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فَعَلَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ بِهَا عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلُعِنُوا سِرًّا وَجَهْرًا وَبَاطِنًا وَظَاهِرًا، فِي مجامع الناس بأسمائهم الخاصة بهم، وصار ذلك عِنْدَ نَصْرٍ الْمَنْبِجِيِّ الْمُقِيمَ الْمُقْعِدَ، وَنَزَلَ بِهِ من الخوف والذل ما لا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ أَقَامَ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ مُقِيمًا بِبُرْجٍ مُتَّسِعٍ مَلِيحٍ نَظِيفٍ لَهُ شُبَّاكَانِ أَحَدُهُمَا إِلَى جِهَةِ الْبَحْرِ وَالْآخَرُ إِلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ، وَيَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ الْأَكَابِرُ وَالْأَعْيَانُ وَالْفُقَهَاءُ، يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَفِيدُونَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي أَطْيَبِ عَيْشٍ وَأَشْرَحِ صَدْرٍ.
وَفِي آخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عُزِلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ عَنْ نَظَرِ الْمَارَسْتَانِ بِسَبَبِ انْتِمَائِهِ إِلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِإِشَارَةِ الْمَنْبِجِيِّ، وباشره شمس الدين عبد القادر بن الخطيريّ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَلِيَ قضاء الحنابلة بمصر الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ سَعْدُ الدِّينِ أَبُو مَحْمُودٍ مسعود بن أحمد ابن مَسْعُودِ بْنِ زَيْنِ الدِّينِ الْحَارِثِيُّ، شَيْخُ الْحَدِيثِ بِمِصْرَ، بَعْدَ وَفَاةِ الْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ أَبِي محمد عبد الغني بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْحَرَّانِيِّ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى بَرَزَتِ الْمَرَاسِيمُ السلطانية المظفرية إلى البلاد السواحلية بإبطال الخمور وتخريب الحانات وَنَفْيِ أَهْلِهَا، فَفُعِلَ ذَلِكَ وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا. وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَصَلَ بَرِيدٌ بِتَوْلِيَةِ قَضَاءِ الْحَنَابِلَةِ بِدِمَشْقَ لِلشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ شَرِيفِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ، عِوَضًا عَنْ الْتَقِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ بِسَبَبِ تَكَلُّمِهِ فِي نُزُولِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ عَنِ الْمُلْكِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا نزل عنه مضطهدا بذلك، لَيْسَ بِمُخْتَارٍ، وَقَدْ صَدَقَ فِيمَا قَالَ. وَفِي عشرين جُمَادَى الْآخِرَةِ وَصَلَ الْبَرِيدُ بِوِلَايَةِ شَدِّ الدَّوَاوِينِ لِلْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ، عِوَضًا عَنِ الرُّسْتُمِيِّ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَبِنَظَرِ الْخِزَانَةِ لِلْأَمِيرِ عِزِّ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ زَيْنِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن محمود المعروف بابن القلانسي، فباشرهما وَعُزِلَ عَنْهَا الْبُصْرَاوِيُّ مُحْتَسِبُ الْبَلَدِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ بَاشَرَ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ جَمَاعَةَ مَشْيَخَةَ سعيد السعداء
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست