responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 37
ذَلِكَ، وَشَكَرَ النَّاسُ مِنْ فَضَائِلِ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ وَجَوْدَةِ ذِهْنِهِ وَحُسْنِ بَحْثِهِ حَيْثُ قَاوَمَ ابْنَ تَيْمِيَّةَ فِي الْبَحْثِ، وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، ثُمَّ انْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى قَبُولِ الْعَقِيدَةِ، وَعَادَ الشَّيْخُ إِلَى مَنْزِلِهِ مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا، وَبَلَغَنِي أَنَّ الْعَامَّةَ حَمَلُوا لَهُ الشَّمْعَ مِنْ بَابِ النَّصْرِ إِلَى الْقَصَّاعِينَ عَلَى جَارِي عَادَتِهِمْ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَكَانَ الْحَامِلَ عَلَى هَذِهِ الِاجْتِمَاعَاتِ كِتَابٌ وَرَدَ مِنَ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ، كَانَ الْبَاعِثَ عَلَى إِرْسَالِهِ قَاضِي الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ مَخْلُوفٍ، وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَنْبِجِيُّ شَيْخُ الْجَاشْنَكِيرِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَعْدَائِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ بن تَيْمِيَّةَ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الْمَنْبِجِيِّ وَيَنْسِبُهُ إِلَى اعْتِقَادِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَكَانَ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَمَاعَةٌ يَحْسُدُونَهُ لِتَقَدُّمِهِ عِنْدَ الدَّوْلَةِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ وَكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِ وَقِيَامِهِ فِي الْحَقِّ، وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، ثُمَّ وَقَعَ بِدِمَشْقَ خَبْطٌ كَثِيرٌ وَتَشْوِيشٌ بِسَبَبِ غَيْبَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، وَطَلَبَ الْقَاضِي جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ وَعَزَّرَ بَعْضَهُمْ ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ الشَّيْخَ جَمَالَ الدِّينِ المزي الحافظ قرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب أَفْعَالِ الْعِبَادِ لِلْبُخَارِيِّ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ بَعْدَ قِرَاءَةِ مِيعَادِ الْبُخَارِيِّ بِسَبَبِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَغَضِبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْحَاضِرِينَ وَشَكَاهُ إِلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ ابْنِ صَصْرَى، وَكَانَ عَدُوَّ الشَّيْخِ فَسَجَنَ الْمِزِّيَّ، فَبَلَغَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فَتَأَلَّمَ لِذَلِكَ وَذَهَبَ إِلَى السِّجْنِ فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ بِنَفْسِهِ، وَرَاحَ إِلَى الْقَصْرِ فوجد القاضي هنالك، فَتَقَاوَلَا بِسَبَبِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، فَحَلَفَ ابن صصريّ لا بُدَّ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى السِّجْنِ وَإِلَّا عَزَلَ نَفْسَهُ فَأَمَرَ النَّائِبُ بِإِعَادَتِهِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِ الْقَاضِي فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ فِي الْقُوصِيَّةِ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُ. وَلَمَّا قَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ ذَكَرَ لَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَا جَرَى فِي حَقِّهِ وَحَقِّ أَصْحَابِهِ فِي غَيْبَتِهِ، فَتَأَلَّمَ النَّائِبُ لِذَلِكَ وَنَادَى فِي الْبَلَدِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي العقائد، ومن عاد إلى تلك حل ماله ودمه ورتبت داره وحانوته، فسكنت الأمور.
وقد رَأَيْتُ فَصْلًا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي كَيْفِيَّةِ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْمُنَاظَرَاتِ.
ثُمَّ عُقِدَ الْمَجْلِسُ الثَّالِثُ في يوم سابع شعبان بالقصر واجتمع الجماعة على الرضى بِالْعَقِيدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي هَذَا الْيَوْمِ عَزَلَ ابْنُ صَصْرَى نَفْسَهُ عَنِ الْحُكْمِ بِسَبَبِ كَلَامٍ سَمِعَهُ من بعض الحاضرين في المجلس المذكور، وهو من الشيخ كمال الدين بن الزملكانى، ثُمَّ جَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ فِيهِ إِعَادَةُ ابْنِ صَصْرَى إِلَى الْقَضَاءِ، وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ الْمَنْبِجِيِّ، وَفِي الْكِتَابِ إِنَّا كنا سمعنا بعقد مجلس للشيخ تقى الدين بن تَيْمِيَّةَ، وَقَدْ بَلَغَنَا مَا عُقِدَ لَهُ مِنَ الْمَجَالِسِ، وَأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِذَلِكَ بَرَاءَةَ سَاحَتِهِ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ كِتَابٌ آخَرُ فِي خَامِسِ رَمَضَانَ يَوْمَ الاثنين وفيه الكشف عن ما كان وقع للشيخ تقى الدين بن تَيْمِيَّةَ فِي أَيَّامِ جَاغَانَ، وَالْقَاضِي إِمَامِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ وَأَنْ يُحْمَلَ هُوَ وَالْقَاضِي ابْنُ صَصْرَى إلى مصر، فَتَوَجَّهَا عَلَى الْبَرِيدِ نَحْوَ مِصْرَ، وَخَرَجَ مَعَ الشَّيْخِ خَلْقٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَبَكَوْا وَخَافُوا عَلَيْهِ من أعدائه، وأشار عليه نائب السلطنة ابن الْأَفْرَمُ بِتَرْكِ الذَّهَابِ
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست