responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 321
أَمْسَكَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَعَثَهُ إِلَى قَلْعَةِ صفد واحتاط على حواصله، ورسم على أستاذ داره بَدْرِ الدِّينِ بَكَدَاشَ، وَجَرَى مَا لَا يَلِيقُ وُقُوعُهُ هُنَالِكَ، إِذِ الْوَقْتُ وَقْتُ عُسْرٍ وَضِيقٍ وَحِصَارٍ. وَصَمَّمَ السُّلْطَانُ عَلَى الْحِصَارِ فَرَتَّبَ الْكُوسَاتِ ثَلَاثَمِائَةِ حِمْلٍ، ثُمَّ زَحَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى وَدُقَّتِ الْكُوسَاتُ جُمْلَةً وَاحِدَةً عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَطَلَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْأَسْوَارِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَنُصِبَتِ السَّنَاجِقُ الْإِسْلَامِيَّةُ فَوْقَ أَسْوَارِ الْبَلَدِ، فَوَلَّتِ الْفِرِنْجُ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَدْبَارَ، وَرَكِبُوا هَارِبِينَ فِي مَرَاكِبِ التُّجَّارِ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ عدد لا يعلمه إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَغَنِمُوا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَضَائِعِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِهَدْمِهَا وَتَخْرِيبِهَا، بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَسَّرَ اللَّهُ فَتَحَهَا نَهَارَ جُمُعَةٍ، كَمَا أَخَذَتْهَا الْفِرِنْجُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَسَلَّمَتْ صور وصيدا قيادتهما إِلَى الْأَشْرَفِ، فَاسْتَوْثَقَ السَّاحِلُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَنَظَّفَ مِنَ الكافرين، فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. 6: 45 وَجَاءَتِ الْبِطَاقَةُ إِلَى دِمَشْقَ بِذَلِكَ ففرح المسلمون، ودقت البشائر في سائر الْحُصُونِ، وَزُيَّنَتِ الْبِلَادُ لِيَتَنَزَّهَ فِيهَا النَّاظِرُونَ وَالْمُتَفَرِّجُونَ، وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى صُورَ أَمِيرًا فَهَدَمَ أَسْوَارَهَا وَعَفَا آثَارَهَا.
وَقَدْ كَانَ لَهَا فِي أَيْدِي الْفِرِنْجِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَأَمَّا عَكَّا فَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ أَخَذَهَا مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، ثُمَّ إِنَّ الْفِرِنْجَ جَاءُوا فَأَحَاطُوا بِهَا بِجُيُوشٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ جَاءَ صَلَاحُ الدِّينِ لِيُمَانِعَهُمْ عَنْهَا مُدَّةَ سَبْعَةٍ وثلاثين شهرا، ثم آخِرِ ذَلِكَ اسْتَمْلَكُوهَا وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّ السُّلْطَانَ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ خَلِيلَ بْنَ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ سَارَ مِنْ عَكَّا قَاصِدًا دِمَشْقَ فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ وَحُرْمَةٍ وَافِرَةٍ، وَفِي صُحْبَتِهِ وَزِيرِهِ ابْنُ السَّلْعُوسِ وَالْجُيُوشُ الْمَنْصُورَةُ، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ اسْتَنَابَ بِالشَّامِ الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الشُّجَاعِيُّ، وَسَكَنَ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَزِيدَ فِي إِقْطَاعِهِ حَرَسْتَا وَلَمْ تُقْطَعْ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ لِمَصَالِحِ حَوَاصِلِ الْقَلْعَةِ، وَجُعِلَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى دار الطعام، وَفُوِّضَ إِلَيْهِ أَنْ يُطْلِقَ مِنَ الْخِزَانَةِ مَا يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ مُشَاوِرَةٍ وَلَا مُرَاجَعَةٍ، وَأَرْسَلَهُ السُّلْطَانُ إِلَى صَيْدَا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ بَقِيَ بها برج عصى، فَفَتَحَهُ وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِسَبَبِهِ، ثُمَّ عَادَ سَرِيعًا إِلَى السُّلْطَانِ فَوَدَّعَهُ، وَسَارَ السُّلْطَانُ نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ، وَبَعَثَهُ إِلَى بَيْرُوتَ لِيَفْتَحَهَا فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَهَا فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ، وسلمت عثلية وَأَنْطَرْطُوسُ وَجُبَيْلٌ. وَلَمْ يَبْقَ بِالسَّوَاحِلِ وللَّه الْحَمْدُ مَعْقِلٌ لِلْفِرِنْجِ إِلَّا بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى الْقَاهِرَةِ فِي تَاسِعِ شَعْبَانَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَأَفْرَجَ عَنْ بَدْرِ الدِّينِ بيسرى بعد سجن سبع سنين. وَرَجَعَ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الشُّجَاعِيُّ نَائِبُ دِمَشْقَ إلى دمشق في سابع عشرين الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ نَظَّفَ السَّوَاحِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ بِهَا حَجَرٌ. وَفِي رَابِعِ رَمَضَانَ أُفْرِجَ عَنْ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ مِنْ قَلْعَةِ صَفَدَ وَمَعَهُ جَمَاعَةُ
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست