responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 89
شَجَاعَتِهِ أَمْ مِنْ عَدَمِ احْتِفَالِهِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ؟ أَمْ مِنْ عَدَمِ عَتْبِهِ عَلَيَّ حَيْثُ ضَنِنْتُ بِنَفْسِي عَنْهُ؟ وَاللَّهِ مَا عاتبني في ذلك قط.
وروى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ النُّورِيِّ أَنَّهُ اجْتَازَ بِزَوْرَقٍ فِيهِ خَمْرٌ مَعَ مَلَّاحٍ، فَقَالَ: ما هذا؟ وَلِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ خَمْرٌ لِلْمُعْتَضِدِ. فَصَعِدَ أَبُو الْحُسَيْنِ إِلَيْهَا فَجَعَلَ يَضْرِبُ الدِّنَانَ بِعَمُودٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا كُلَّهَا إِلَّا دَنًّا وَاحِدًا تَرَكَهُ، وَاسْتَغَاثَ الْمَلَّاحُ فَجَاءَتِ الشُّرْطَةُ فَأَخَذُوا أَبَا الْحُسَيْنِ فَأَوْقَفُوهُ بَيْنَ يَدِيِ الْمُعْتَضِدِ فقال له: ما أنت؟ فقال أنا المحتسب. فَقَالَ: وَمَنْ وَلَّاكَ الْحِسْبَةَ؟ فَقَالَ: الَّذِي وَلَّاكَ الْخِلَافَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَهَا فَقَالَ: مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: شَفَقَةً عَلَيْكَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْكَ. فأطرق رأسه ثم رفعه فقال: ولأى شيء تركت منها دنا واحدا لم تكسره؟
فقال: لأني إنما أقدمت عليها فكسرتها إجلالا للَّه تعالى، فلم أبال أحدا حتى انتهيت إلى هذا الدن دخل نفسي إعجاب من قبيل أَنِّي قَدْ أَقْدَمْتُ عَلَى مِثْلِكَ فَتَرَكْتُهُ، فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَضِدُ: اذْهَبْ فَقَدْ أَطْلَقْتُ يَدَكَ فَغَيِّرْ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُغَيِّرَهُ مِنَ الْمُنْكَرِ. فَقَالَ له النوري: الآن انتقض عَزْمِي عَنِ التَّغْيِيرِ، فَقَالَ:
وَلِمَ؟ فَقَالَ: لِأَنِّي كُنْتُ أُغَيِّرُ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَا الْآنَ أُغَيِّرُ عَنْ شُرْطِيٍّ. فَقَالَ: سَلْ حَاجَتَكَ. فَقَالَ:
أُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ سَالِمًا. فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَصَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا مُخْتَفِيًا خَشْيَةَ أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي حَاجَةٍ عِنْدَ الْمُعْتَضِدِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمُعْتَضِدُ رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ عَنْ شَيْخٍ مِنَ التُّجَّارِ قَالَ: كَانَ لِي عَلَى بَعْضِ الْأُمَرَاءِ مَالٌ كَثِيرٌ فَمَاطَلَنِي وَمَنَعَنِي حَقِّي، وَجَعَلَ كُلَّمَا جِئْتُ أُطَالِبُهُ حَجَبَنِي عَنْهُ وَيَأْمُرُ غِلْمَانَهُ يُؤْذُونَنِي، فَاشْتَكَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى الْوَزِيرِ فَلَمْ يُفِدْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَإِلَى أَوْلِيَاءِ الْأَمْرِ مِنَ الدَّوْلَةِ فَلَمْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْعًا وَجُحُودًا، فَأَيِسْتُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ وَدَخَلَنِي هَمٌّ مِنْ جِهَتِهِ، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ وَأَنَا حَائِرٌ إِلَى مَنْ أَشْتَكِي، إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: أَلَا تَأْتِي فَلَانًا الْخَيَّاطَ- إِمَامَ مَسْجِدٍ هُنَاكَ-[فَقُلْتُ وَمَا عَسَى أَنْ يَصْنَعَ خَيَّاطٌ مَعَ هَذَا الظَّالِمِ. وَأَعْيَانُ الدَّوْلَةِ لَمْ يَقْطَعُوا فِيهِ؟ فَقَالَ لِي: هُوَ أَقْطَعُ وَأَخْوَفُ عِنْدَهُ مِنْ جَمِيعِ مَنِ اشْتَكَيْتَ إِلَيْهِ، فَاذْهَبْ إِلَيْهِ لَعَلَّكَ أَنْ تَجِدَ عِنْدَهُ فَرَجًا. قَالَ فَقَصَدْتُهُ غَيْرَ مُحْتَفِلٍ فِي أَمْرِهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ حاجتي ومالي وَمَا لَقِيتُ مِنْ هَذَا الظَّالِمِ، فَقَامَ مَعِي فَحِينَ عَايَنَهُ الْأَمِيرُ قَامَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ وَاحْتَرَمَهُ وَبَادَرَ إِلَى قَضَاءِ حَقِّي الَّذِي عَلَيْهِ فَأَعْطَانِيهِ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ إِلَى الْأَمِيرِ كَبِيرُ أَمْرٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: ادْفَعْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَقَّهُ وَإِلَّا أَذَّنْتُ. فَتَغَيَّرَ لَوْنُ الْأَمِيرِ وَدَفَعَ إِلِيَّ حَقِّي] [1] .
قَالَ التَّاجِرُ: فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ الْخَيَّاطِ مَعَ رَثَاثَةِ حَالِهِ وَضِعْفِ بِنْيَتِهِ كَيْفَ انْطَاعَ ذَلِكَ الْأَمِيرُ لَهُ، ثُمَّ إِنِّي عَرَضْتُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي شَيْئًا، وَقَالَ: لَوْ أردت هذا لكان لي من الأموال مالا

[1] زيادة من نسخة الأستانة
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست