responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 285
سنة، وقبل موته بسنة قَسَّمَ مُلْكَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ عمل ابن العميد مرة ضيافة في داره وكانت حافلة حضرها ركن الدولة وبنوه وأعيان الدولة، فعهد ركن الدولة فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَى ابْنِهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَخَلَعَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَلَى إِخْوَتِهِ وَسَائِرِ الْأُمَرَاءِ الأقبية والأكسية على عادة الديلم، وحفوه بِالرَّيْحَانِ عَلَى عَادَتِهِمْ أَيْضًا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وقد كان ركن الدولة قد أسن وكبر وتوفى بعد هذه الوليمة بقليل في هذه السنة، وكان حَلِيمًا وَقُورًا كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ بر وكرم وإيثار، وحسن عشرة ورياسة، وحنو على الرعية وعلى أقاربه. وَحِينَ تَمَكَّنَ ابْنُهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ قَصَدَ الْعِرَاقَ ليأخذها من ابن عمه بَخْتِيَارَ لِسُوءِ سِيرَتِهِ وَرَدَاءَةِ سَرِيرَتِهِ، فَالْتَقَوْا فِي هذه السنة بالأهواز فَهَزَمَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَأَخَذَ أَثْقَالَهُ وَأَمْوَالَهُ، وَبَعَثَ إلى البصرة فأخذها وأصلح بين أهلها حييى ربيعة ومضر، وكان بَيْنَهُمَا خُلْفٌ مُتَقَادِمٌ مِنْ نَحْوِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُضَرُ تَمِيلُ إِلَيْهِ وَرَبِيعَةُ عَلَيْهِ، ثم اتفق الحيان عليه وقويت شوكته، وأذل بختيار وَقَبَضَ عَلَى وَزِيرِهِ ابْنِ بَقِيَّةَ لِأَنَّهُ اسْتَحْوَذَ عَلَى الْأُمُورِ دُونَهُ، وَجَبَى الْأَمْوَالَ إِلَى خَزَائِنِهِ، فاستظهر عضد الدولة بما وجده في الخزائن والحواصل لِابْنِ بَقِيَّةَ وَلَمْ يُبْقِ لَهُ مِنْهَا بَقِيَّةً. وكذلك أمر ركن الدَّوْلَةِ بِالْقَبْضِ عَلَى وَزِيرِ أَبِيهِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْعَمِيدِ لِمَوْجِدَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ سلف ذكرها. ولم يبق لابن الْعَمِيدِ أَيْضًا فِي الْأَرْضِ بَقِيَّةٌ، وَقَدْ كَانَتِ الأكابر تتقيه.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْعَمِيدِ مِنَ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ بأوفر مكان، فخانته المقادير ونزل به غضب السلطان، ونحن نعوذ باللَّه مِنْ غَضَبِ الرَّحْمَنِ.
وَفِي مُنْتَصَفِ شَوَّالٍ منها تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ مَنْصُورُ بْنُ نُوحٍ السَّامَانِيُّ صَاحِبُ بلاد خراسان وبخارى وغيرها، وكانت ولايته خمس عشر سَنَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدَهُ وَلَدُهُ أَبُو الْقَاسِمِ نُوحٌ، وَكَانَ عُمُرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلُقِّبَ بِالْمَنْصُورِ.
وفيها توفى الحاكم وهو الْمُسْتَنْصِرُ باللَّه بْنُ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ، وَقَدْ كَانَ هَذَا مِنْ خِيَارِ الملوك وعلمائهم، وكان عَالِمًا بِالْفِقْهِ وَالْخِلَافِ وَالتَّوَارِيخِ مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ مُحْسِنًا إليهم. توفى وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَسَبْعَةُ أشهر، ومدة خِلَافَتِهِ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً وَخَمْسَةُ أَشْهُرٍ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ هِشَامٌ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَلُقِّبَ بِالْمُؤَيَّدِ باللَّه، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِهِ وَاضْطَرَبَتِ الرَّعَايَا عَلَيْهِ وَحُبِسَ مُدَّةً ثُمَّ أُخْرِجَ وَأُعِيدَ إِلَى الْخِلَافَةِ، وَقَامَ بِأَعْبَاءِ أَمْرِهِ حَاجِبُهُ الْمَنْصُورُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْمُعَافِرِيُّ، وَابْنَاهُ الْمُظَفَّرُ وَالنَّاصِرُ، فساسوا الرعايا جيدا وعدلا فيهم وغزوا الأعداء واستمر لَهُمُ الْحَالُ كَذَلِكَ نَحْوًا مِنْ سِتٍّ وَعِشْرِينَ سنة. وقد ساق ابن الأثير هنا قطعة من أخبارهم وأطال.
وَفِيهَا رَجَعَ مُلْكُ حَلَبَ إِلَى أَبِي الْمَعَالِي شَرِيفِ بْنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ وَقَامَ هُوَ مِنْ بعده تغلب قرعويه مولاهم واستولى عليهم سار إليه فأخرجه منها خائفا يترقب،
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست