responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 165
عَامِلَهَا مِنْهَا، فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ، مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ فَأَوْقَعَ بِهِمْ بَأْسًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقَا كَثِيرًا، فلم يقم لهم بعد ذلك قائمة. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ بْنَ حَمْدَانَ عَنِ الْمَوْصِلِ، وَوَلَّى عَلَيْهَا عميه سعيدا ونصرا ابنا حَمْدَانَ. وَوَلَّاهُ دِيَارَ رَبِيعَةَ: نَصِيبِينَ وَسِنْجَارَ وَالْخَابُورَ ورأس العين، ومعها ميافارقين وازرن، ضمن ذلك من الخليفة بمال يحمله إليه في كل سنة. وفي جمادى الأولى منها خرج رجل ببلاد البواريج يُقَالُ لَهُ صَالِحُ بْنُ مَحْمُودٍ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى سِنْجَارَ فَحَاصَرَهَا فَدَخَلَهَا وَأَخَذَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهَا، وَخَطَبَ بِهَا خُطْبَةً وَوَعَظَ فِيهَا وَذَكَّرَ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا قَالَ: نَتَوَلَّى الشَّيْخَيْنِ، ونتبرأ من الحسين، وَلَا نَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. ثُمَّ سَارَ فَعَاثَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَانْتُدِبَ لَهُ نَصْرُ بن حمدان فقاتله فأسره وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ. فَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا وَقَدِ اشْتُهِرَ شُهْرَةً فَظِيعَةً. وَخَرَجَ آخَرُ بِبِلَادِ الْمَوْصِلِ فَاتَّبَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ، فَحَاصَرَ أَهْلَ نَصِيبِينَ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِائَةً وَأَسَرَ أَلْفًا، ثُمَّ بَاعَهُمْ نُفُوسَهُمْ وَصَادَرَ أَهْلَهَا بأربعمائة ألف درهم، فانتدب إليه ناصر الدولة فقاتله فظفر به وأسره وأرسله إلى بغداد أيضا. وَفِيهَا خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى ابْنِهِ هَارُونَ وَرَكِبَ مَعَهُ الْوَزِيرُ وَالْجَيْشُ، وَأَعْطَاهُ نِيَابَةَ فَارِسَ وَكَرْمَانَ وسجستان ومكرمات، وَخَلَعَ عَلَى ابْنِهِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرَّاضِي وَجَعَلَهُ نائب بلاد المغرب ومصر والشام، وجعل مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ يَسُدُّ عَنْهُ أُمُورَهَا.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فيها عَبْدُ السَّمِيعِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الهاشمي. وخرج الحجيج بغفارة بدرقة حتى يسلموا في الدرب في الذهاب والإياب من القرامطة.
وفيها توفى من الأعيان
أحمد بن إسحاق
ابن الْبُهْلُولِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ أَبُو جَعْفَرَ التَّنُوخِيُّ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ، الْعَدْلُ الثِّقَةُ، الرَّضِيُّ.
وكان فقيها نَبِيلًا، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَوَى عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّحْوِ، فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، جَيِّدَ الشِّعْرِ، مَحْمُودًا فِي الْأَحْكَامِ. اتَّفَقَ أَنَّ السَّيِّدَةَ أُمَّ الْمُقْتَدِرِ وَقَفَتْ وَقْفًا وَجَعَلَ هَذَا عِنْدَهُ نُسْخَةً بِهِ فِي سَلَّةِ الْحُكْمِ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُضَ ذَلِكَ الْوَقْفَ فَطَلَبَتِ هذا الْحَاكِمَ وَأَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ كِتَابَ الْوَقْفِ لِتَأْخُذَهُ مِنْهُ فَتَعْدِمَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ مِنْ وَرَاءِ السِّتَارَةِ فَهِمَ الْمَقْصُودَ فَقَالَ لَهَا: لَا يُمْكِنُ هَذَا، لِأَنِّي خَازِنُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِمَّا أَنْ تَعْزِلُونِي عَنِ القضاء وتولوا هَذَا غَيْرِي، وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوا هَذَا الَّذِي تريدون أن تفعلوه، فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَأَنَا حَاكِمٌ. فَشَكَتْهُ إِلَى ولدها المقتدر فشفع عنده المقتدر بذلك، فَذَكَرَ لَهُ صُورَةَ الْحَالِ. فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فيه ولا يزهد فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى عَزْلِهِ وَلَا التَّلَاعُبِ بِهِ. فَرَضِيَتْ عَنْهُ وَبَعَثَتْ تَشْكُرُهُ عَلَى مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ:
مَنْ قَدَّمَ أَمْرَ اللَّهِ عَلَى أَمْرِ الْعِبَادِ كَفَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمْ، ورزقه خيرهم. وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست