responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 157
خلافة موسى الهادي بن الْمَهْدِيِّ
تُوُفِّيَ أَبُوهُ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ وَلِيَّ الْعَهْدِ من بعد أبيه، وكان أبوه قد عزم قبل موته على تقديم أخيه الرَّشِيدِ عَلَيْهِ فِي وِلَايَةِ الْعَهْدِ، فَلَمْ يَتَّفِقْ ذلك حتى مات المهدي بماسبذان. وَكَانَ الْهَادِي إِذْ ذَاكَ بِجُرْجَانَ، فَهَمَّ بَعْضُ الدَّوْلَةِ مِنْهُمُ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْقُوَّادِ عَلَى تَقْدِيمِ الرَّشِيدِ عَلَيْهِ وَالْمُبَايَعَةِ لَهُ، وَكَانَ الرشيد حاضرا ببغداد، وعزموا على النفقة على الجند لذلك تنفيذا لما رآه الْمَهْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ. فَأَسْرَعَ الْهَادِي السَّيْرَ مِنْ جُرْجَانَ إِلَى بَغْدَادَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَسَاقَ مِنْهَا إِلَيْهَا فِي عِشْرِينَ يَوْمًا، فَدَخَلَ بَغْدَادَ وَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ مِنْهُمْ فَبَايَعُوهُ، وَتَغَيَّبَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ فَتَطَلَّبَهُ الْهَادِي حَتَّى حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وأقرّه على حجو بيته، وَزَادَهُ الْوِزَارَةَ وَوِلَايَاتٍ أُخَرَ. وَشَرَعَ الْهَادِي فِي تَطَلُّبِ الزَّنَادِقَةِ مِنَ الْآفَاقِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ طَائِفَةً كَثِيرَةً، وَاقْتَدَى فِي ذَلِكَ بِأَبِيهِ، وَقَدْ كَانَ مُوسَى الْهَادِي مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي الْخَلْوَةِ، فَإِذَا جَلَسَ فِي مَقَامِ الْخِلَافَةِ كانوا لَا يَسْتَطِيعُونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ، لِمَا يَعْلُوهُ مِنَ المهابة والرئاسة، وكان شابا حسنا وقورا مهيبا.
وفيها- أَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ- خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ لَبِسَ الْبَيَاضَ وَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، وَجَاءَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمَّا رَأَوْهُ وَلَّوْا رَاجِعِينَ، وَالْتَفَّ عَلَيْهِ جماعة فبايعوه على الكتاب والسنة والرضى مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَكَانَ سَبَبَ خُرُوجِهِ أَنَّ متوليها خرج منها إلى بغداد ليهنئ الخليفة بالولاية ويعزيه في أبيه. ثم جرت أمور اقتضت خروجه، وَالْتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَجَعَلُوا مَأْوَاهُمُ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ، وَمَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ أهل المدينة إلى ما أراده، بل جعلوا يدعون عليه لانتهاكه الْمَسْجِدَ، حَتَّى ذُكِرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَذِّرُونَ فِي جَنْبَاتِ الْمَسْجِدِ، وَقَدِ اقْتَتَلُوا مَعَ الْمُسَوِّدَةِ مَرَّاتٍ فقتل من هؤلاء وهؤلاء. ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى زَمَنِ الْحَجِّ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْهَادِي جَيْشًا فَقَاتَلُوهُ بَعْدَ فَرَاغِ النَّاسِ مِنَ الْمَوْسِمِ فَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا طائفة من أصحابه، وهرب بَقِيَّتُهُمْ وَتَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ. فَكَانَ مُدَّةُ خُرُوجِهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَدْ كَانَ كَرِيمًا مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ، دَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْمَهْدِيِّ فَأَطْلَقَ لَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَفَرَّقَهَا فِي أَهْلِهِ وَأَصْدِقَائِهِ مِنْ أهل بغداد والكوفة، ثم خرج من الكوفة وما عليه قميص، إنما كان عليه فروة وليس تحتها قميص.
وفيها حج بالناس سليمان بن أَبِي جَعْفَرٍ عَمُّ الْخَلِيفَةِ. وَغَزَا الصَّائِفَةَ مِنْ طريق درب الراهب معتوق بْنُ يَحْيَى فِي جَحْفَلٍ كَثِيفٍ، وَقَدْ أَقْبَلَتِ الروم مع بطريقها فبلغوا الحدث. وفيها توفى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قتل في أيام التشريق كما تقدم.
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست