responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 367
كُنْتُ فِي الْكُتَّابِ وَأَنَا صَبِيٌّ فَجَعَلَ أَوْلَادُ النَّصَارَى يَضْحَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا فَضْلَةَ لِطَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ للفقيه - وكان نصرانياً [1] : ألست تزعم أن في الطَّعَامِ مَا يَنْصَرِفُ فِي غِذَاءِ الْبَدَنِ؟ قَالَ: بلى، قلت فما ينكر أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ طَعَامَ أَهْلِ الْجَنَّةِ كُلَّهُ غِذَاءً لِأَبْدَانِهِمْ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمُهُ: مَا أَنْتَ إِلَّا شَيْطَانٌ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ إِيَاسٌ وَهُوَ صَغِيرٌ بِعَقْلِهِ قَدْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كما سنذكره إن شاء الله في أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّ طَعَامَهُمْ يَنْصَرِفُ جُشَاءً وَعَرَقًا كالمسك، فإذا البطن ضامر.
وقال سفيان: وحين قدم إياس واسط فَجَاءَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ بِمَسَائِلَ قَدْ أَعَدَّهَا، فَقَالَ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَسْأَلَكَ؟ قَالَ: سَلْ وَقَدِ ارْتَبْتُ حِينَ اسْتَأْذَنْتَ، فَسَأَلَهُ عَنْ سَبْعِينَ مَسْأَلَةً يُجِيبُهُ فِيهَا، وَلَمْ يَخْتَلِفَا إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ، رَدَّهُ إِيَاسٌ إِلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيَاسٌ: أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ أَتَحْفَظُ قَوْلَهُ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ؟ [المائدة: 3] قال: نعم! قال: وما قبلها وما بعدها؟ قال: نعم! قَالَ: فَهَلْ أَبْقَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِآلِ شُبْرُمَةَ رأياً؟ وقال عباس بن يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ بن عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: يَا أَبَا وَاثِلَةَ حَتَّى مَتَى يَبْقَى النَّاسُ؟ وَحَتَّى مَتَى يَتَوَالَدُ النَّاسُ وَيَمُوتُونَ؟ فَقَالَ لِجُلَسَائِهِ: أَجِيبُوهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ جَوَابٌ، فَقَالَ إِيَاسٌ: حَتَّى تَتَكَامَلَ الْعِدَّتَانِ، عِدَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَعِدَّةُ أَهْلِ النَّارِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اكْتَرَى إياس بن معاوية بن الشام قاصداً الحج، فركب معه في المحارة غَيْلَانُ الْقَدَرِيُّ، وَلَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَمَكَثَا ثلاثاً لا يكلم أحدهما الآخر، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ تَحَادَثَا فَتَعَارَفَا وَتَعَجَّبَ كل واحد منهما من اجتماعه مع صاحبه، لِمُبَايَنَةِ مَا بَيْنَهُمَا فِي الِاعْتِقَادِ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ لَهُ إِيَاسٌ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ حِينَ يَدْخُلُونَ الجنَّة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43] وَيَقُولُ أَهْلُ النَّارِ (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا) [المؤمنون: 106] وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا)
[البقرة: 32] ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَأَمْثَالِ الْعَجَمِ ما فيه من إِثْبَاتُ الْقَدَرِ ثُمَّ اجْتَمَعَ مَرَّةً أُخْرَى إِيَاسٌ وَغَيْلَانُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَاظَرَ بَيْنَهُمَا فَقَهَرَهُ إِيَاسٌ، وَمَا زَالَ يَحْصُرُهُ فِي الْكَلَامِ حَتَّى اعْتَرَفَ غَيْلَانُ بِالْعَجْزِ وَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، فَدَعَا عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ مِنْهُ فَأُمْكِنَ مِنْ غَيْلَانَ فَقُتِلَ وَصُلِبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.
ومن كلام إياس الْحَسَنِ: لَأَنْ يَكُونَ فِي فِعَالِ الرَّجُلِ فَضْلٌ عن مقاله خير من أن يكون في مقاله فَضْلٌ عَنْ فِعَالِهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: ذكرت رجلاً بسوء عن إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَنَظَرَ فِي وَجْهِي وَقَالَ: أغزوت الروم؟ قلت: لا! قال: السند وَالْهِنْدَ وَالتُّرْكَ، قُلْتُ: لَا.
قَالَ: أَفَسَلِمَ مِنْكَ

[1] الخبر في وفيات الاعيان 1 / 248 وفيه ان الفقيه كان يهوديا.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست