responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 193
فَصَفَّهُمْ فَجَعَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ زُهَيْرَ بْنَ الْقَيْنِ، وعلى الميسرة حبيب بن المطهر [1] ، وَأَعْطَى رَايَتَهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ أَخَاهُ، وَجَعَلُوا الْبُيُوتَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْحَرَمِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَقَدْ أَمَرَ الْحُسَيْنُ مِنَ اللَّيْلِ فَحَفَرُوا وَرَاءَ بُيُوتِهِمْ خَنْدَقًا وَقَذَفُوا فِيهِ حَطَبًا وَخَشَبًا وَقَصَبًا، ثُمَّ أُضْرِمَتْ فِيهِ النَّارُ لِئَلَّا يَخْلُصَ أَحَدٌ إِلَى بُيُوتِهِمْ مِنْ وَرَائِهَا.
وَجَعَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى مَيْمَنَتِهِ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ الزُّبَيْدِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ شَمِرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ - وَاسْمُ ذِي الْجَوْشَنِ شُرَحْبِيلُ بْنُ الْأَعْوَرِ بْنِ عَمْرِو بن معاوية من بني الضِّبَابُ بْنُ كِلَابٍ - وَعَلَى الْخَيْلِ عَزْرَةَ بْنَ قيس الأحمسي، وعلى الرجالة شبيث [2] بن ربعي، وأعطى الراية لوردان [3] مَوْلَاهُ، وَتَوَاقَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَعَدَلَ الحسين إلى خيمة قد نصبت فاغتسل فيها وانطلى بِالنُّورَةِ وَتَطَيَّبَ بِمِسْكٍ كَثِيرٍ، وَدَخَلَ بَعْدَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ فَفَعَلُوا كَمَا فَعَلَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا هَذَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَعْنَا مِنْكَ، وَاللَّهِ مَا هَذِهِ بِسَاعَةِ بَاطِلٍ، فقال يزيد بن حصين [4] : وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنِّي مَا أَحْبَبْتُ الْبَاطِلَ شَابًّا وَلَا كَهْلًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ إِنِّي لمستبشر بما نحن لاحقون [5] ، وَاللَّهِ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحُورِ الْعِينِ إِلَّا أن يميل علينا هؤلاء القوم فيقتلوننا.
ثمَّ رَكِبَ الْحُسَيْنُ عَلَى فَرَسِهِ وَأَخَذَ مُصْحَفًا فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ: وَرَجَائِي فِي كُلِّ شدة، إلى آخره.
وركب ابْنَهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ - وَكَانَ ضَعِيفًا مَرِيضًا - فرساً يقال له الأحمق [6] وَنَادَى الْحُسَيْنُ أَيُّهَا النَّاسُ: اسْمَعُوا مِنِّي نَصِيحَةً أَقُولُهَا لَكُمْ، فَأَنْصَتَ النَّاس كُلُّهُمْ، فَقَالَ بَعْدَ حمد الله والثناء عليه: أيها الناس إن قَبِلْتُمْ مِنِّي وَأَنْصَفْتُمُونِي كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ، وَلَمْ يكن لم عَلَيَّ سَبِيلٌ، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوا مِنِّي * (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ.
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يتولى الصالحين) * [يونس: 71] .
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ أَخَوَاتُهُ وَبَنَاتُهُ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُنَّ بالبكاء فقال عند ذلك: لا يبعد الله ابن عبَّاس.
- يعني حين أشار عليه أن لا يَخْرُجَ بِالنِّسَاءِ مَعَهُ وَيَدَعَهُنَّ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ ينتظم الأمر - ثم بعث
أخاه العباس فسكتهن، ثُمَّ شَرَعَ يَذْكُرُ لِلنَّاسِ فَضْلَهُ وَعَظَمَةَ نَسَبِهِ وعلو قدره وشرفه، ويقول: راجعوا أنفسكم وحاسبوها.
هَلْ يَصْلُحُ لَكُمْ قِتَالُ مِثْلِي، وَأَنَا ابْنُ بنت نبيكم، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْرِي؟ وَعَلِيٌّ أَبِي، وَجَعْفَرُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ عَمِّي، وَحَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمُّ أَبِي؟ وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَخِي: " هَذَانَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ " [7] .
فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بما

[1] في الطبري: مظاهر، وفي الاخبار الطوال ص 256: مظهر.
[2] في الطبري: شبث بن ربعي.
[3] في الطبري: ذويد، وفي الاخبار الطوال: زيد.
[4] انظر هامش 2 ص 192.
[5] في الطبري: لاقون.
[6] في الطبري: لاحق.
[7] تقدم تخريجه.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست