responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 354
فَصْلٌ فِي خَبَرِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيِّ التَّميمي
كَانَ قَدْ صَانَعَ سَجَاحِ حِينَ قَدِمَتْ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ، فلمَّا اتَّصلت بِمُسَيْلِمَةَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ، ثمَّ ترحَّلت إِلَى بِلَادِهَا - فلمَّا كَانَ ذَلِكَ - نَدِمَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وتلوَّم فِي شَأْنِهِ، وَهُوَ نَازِلٌ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الْبُطَاحُ، فَقَصَدَهَا خَالِدٌ بِجُنُودِهِ وتأخَّرت عَنْهُ الْأَنْصَارُ، وَقَالُوا: إنَّا قَدْ
قَضَيْنَا مَا أَمَرَنَا بِهِ الصِّديق، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: إنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا بدَّ مِنْ فعله، وفرصة لا بدَّ من انتهازها، وإنَّه لَمْ يَأْتِنِي فِيهَا كِتَابٌ، وَأَنَا الْأَمِيرُ وإليَّ تردُّ الْأَخْبَارُ، وَلَسْتُ بِالَّذِي أُجْبِرُكُمْ عَلَى الْمَسِيرِ، وَأَنَا قَاصِدٌ الْبُطَاحَ.
فَسَارَ يَوْمَيْنِ ثمَّ لَحِقَهُ رَسُولُ الْأَنْصَارِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الِانْتِظَارَ، فَلَحِقُوا بِهِ، فلمَّا وَصَلَ الْبُطَاحَ وَعَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ، فَبَثَّ خَالِدٌ السَّرايا فِي الْبُطَاحِ يَدْعُونَ النَّاس، فَاسْتَقْبَلَهُ أُمَرَاءُ بَنِي تَمِيمٍ بالسَّمع والطَّاعة، وَبَذَلُوا الزَّكوات، إلا ما كان مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ فإنَّه مُتَحَيِّرٌ فِي أَمْرِهِ، مُتَنَحٍّ عَنِ النَّاس، فَجَاءَتْهُ السَّرايا فَأَسَرُوهُ وَأَسَرُوا مَعَهُ أَصْحَابَهُ، وَاخْتَلَفَتِ السَّرية فِيهِمْ، فَشَهِدَ أَبُو قتادة - الحرث بْنُ رِبْعِيِّ الْأَنْصَارِيِّ - أنَّهم أَقَامُوا الصَّلاة، وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّهم لَمْ يؤذِّنوا وَلَا صلُّوا، فَيُقَالُ إِنَّ الْأُسَارَى بَاتُوا فِي كُبُولِهِمْ فِي لَيْلَةٍ شديدة البرد، فنادى منادي خالد: أن أدفئوا أَسْرَاكُمْ [1] ، فظنَّ الْقَوْمُ أنَّه أَرَادَ الْقَتْلَ، فَقَتَلُوهُمْ، وَقَتَلَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ [2] مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ، فلمَّا سمع الدَّاعية خَرَجَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْهُمْ، فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا أَصَابَهُ * وَاصْطَفَى خَالِدٌ امْرَأَةَ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَهِيَ أُمُّ تَمِيمٍ ابْنَةُ الْمِنْهَالِ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً، فلمَّا حَلَّتْ بَنَى بِهَا، وَيُقَالُ: بَلِ اسْتَدْعَى خَالِدٌ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ فأنَّبه عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ مُتَابَعَةِ سَجَاحِ، وَعَلَى مَنْعِهِ الزَّكاة، وَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا قَرِينَةُ الصَّلاة؟ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ صَاحِبَكُمْ كَانَ يَزْعُمُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَهْوَ صَاحِبُنَا وَلَيْسَ بِصَاحِبِكَ؟ يا ضرار إضرب عنقه، فضربت عُنُقَهُ، وَأَمَرَ بِرَأْسِهِ فَجُعِلَ مَعَ حَجَرَيْنِ وَطُبِخَ عَلَى الثَّلاثة قِدْرًا، فَأَكَلَ مِنْهَا خَالِدٌ تِلْكَ اللَّيلة لِيُرْهِبَ بِذَلِكَ الْأَعْرَابَ، مِنَ المرتدَّة وَغَيْرِهِمْ، وَيُقَالُ: إنَّ شَعْرَ مَالِكٍ جَعَلَتِ النَّار تَعْمَلُ فِيهِ إِلَى أَنْ نَضِجَ لَحْمِ الْقِدْرِ وَلَمْ تفرغ الشَّعر لِكَثْرَتِهِ، وَقَدْ تكلَّم أَبُو قَتَادَةَ مَعَ خَالِدٍ فِيمَا صَنَعَ وَتَقَاوَلَا فِي ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ أَبُو قَتَادَةَ فَشَكَاهُ إِلَى الصِّديق، وتكلَّم عُمَرُ مَعَ أَبِي قَتَادَةَ فِي خَالِدٍ: وَقَالَ للصِّديق: اعْزِلْهُ فإنَّ فِي سَيْفِهِ رَهَقًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا أَشْيَمُ سَيْفًا سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الكفَّار، وَجَاءَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فَجَعَلَ يَشْكُو إِلَى الصِّديق خَالِدًا، وَعُمَرُ يُسَاعِدُهُ وَيُنْشِدُ الصِّديق مَا قَالَ فِي أَخِيهِ مِنَ الْمَرَاثِي، فَوَدَاهُ الصِّديق مِنْ عِنْدِهِ، وَمَنْ قَوْلِ مُتَمِّمٍ فِي ذَلِكَ: وكنَّا كَنَدْمَانى جُذيمَةَ بُرهةً [3] * مِنَ الدَّهر حَتَّى قيلَ لنْ يتصدعا

[1] ادفئوا اسراكم: في لغة كنانة تعني القتل.
[2] في الطبري: عبد بن الأزور الأسدي، وعند الكلبي وابن الاثير فكالاصل.
[3] في الكامل لابن الاثير: حقبة.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست