responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 340
هَذَا؟ قَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ يَقُولُ: عَمَدْتَ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتَهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ مِنْكَ كلَّ مَدْخَلٍ، وَصَارَ فِي العزِّ مِثْلَكَ، مَالَ مَيْلَ عدوِّك، وَحَاوَلَ مَلْكَكَ، وَأَضْمَرَ عَلَى الْغَدْرِ، إنَّه يَقُولُ يَا أَسْوَدُ يَا أَسْوَدُ يَا سوآه يا سوآه، فطف به وَخُذْ مِنْ قَيْسٍ أَعْلَاهُ وَإِلَّا سَلَبَكَ وَقَطَفَ قبتك [1] .
فقال له قَيْسٌ وَحَلَفَ لَهُ فكذَّب: وَذِي الْخِمَارِ [2] لَأَنْتَ أَعْظَمُ فِي نَفْسِي وَأَجَلُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ بِكَ نَفْسِي، فَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ: مَا إِخَالُكَ تكذِّب الْمَلَكَ فَقَدْ صَدَقَ الْمَلَكُ وَعَرَفَ الآن أنَّك تائب عما أطلع عليك مِنْكَ، ثمَّ خَرَجَ قَيْسٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فجاء إلى أصحابه فيروز وداذويه، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ لَهُ وردَّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: إنَّا كلَّنا عَلَى حَذَرٍ، فَمَا الرَّأي، فَبَيْنَمَا هُمْ يَشْتَوِرُونَ إِذْ جَاءَهُمْ رَسُولُهُ فَأَحْضَرَهُمْ
بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَلَمْ أشرِّفكم عَلَى قَوْمِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَمَاذَا يَبْلُغُنِي عَنْكُمْ، فَقَالُوا: أَقِلْنَا مرتنا هذه، فقال: لا يبلغني عنكم فأقيلكم، قَالَ: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ نَكَدْ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ مِنْ أَمْرِنَا، وَنَحْنُ عَلَى خَطَرٍ، فبينما نحن على ذَلِكَ إِذْ جَاءَتْنَا كُتُبٌ مِنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، أَمِيرِ هَمْدَانَ، وَذِي ظُلَيْمٍ، وَذِي كَلَاعٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أُمَرَاءِ الْيَمَنِ، يَبْذُلُونَ لَنَا الطَّاعة والنَّصر، عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَسْوَدِ، وَذَلِكَ حِينَ جَاءَهُمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحثَّهم عَلَى مُصَاوَلَةِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ، فَكَتَبْنَا إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يُحْدِثُوا شَيْئًا حتَّى نُبْرِمَ الْأَمْرَ، قَالَ قَيْسٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى امْرَأَتِهِ آزَاذَ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَةَ عمِّي قَدْ عَرَفْتِ بَلَاءَ هَذَا الرَّجل عِنْدَ قَوْمِكِ: قَتَلَ زَوْجَكِ، وَطَأْطَأَ فِي قَوْمِكِ الْقَتْلَ، وَفَضَحَ النِّساء، فَهَلْ عِنْدَكِ مُمَالَأَةٌ عليه؟ قالت: على أي أمر، قُلْتُ إِخْرَاجِهِ، قَالَتْ: أَوْ قَتْلِهِ، قُلْتُ: أَوْ قَتْلِهِ، قَالَتْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ مَا خَلْقَ اللَّهُ شَخْصًا هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْهُ، فَمَا يَقُومُ لِلَّهِ عَلَى حَقٍّ وَلَا يَنْتَهِي لَهُ عَنْ حرمة، فإذا عزمتم أخبروني أعلمكم بِمَا فِي هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ فَأَخْرُجُ فَإِذَا فيروز وداذويه، يَنْتَظِرَانِي يُرِيدُونَ أَنْ يُنَاهِضُوهُ، فَمَا استقرَّ اجْتِمَاعُهُ بِهِمَا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِ الْأَسْوَدُ فَدَخَلَ فِي عشرة من قومه، فقال: أَلَمْ أُخْبِرْكَ بالحقِّ وَتُخْبِرْنِي بالكذَّابة؟ إنَّه يَقُولُ: يَا سَوْآهْ يَا سَوْآهْ، إِنْ لَمْ تَقْطَعْ مِنْ قَيْسٍ يَدَهُ يَقْطَعْ رَقَبَتَكَ الْعُلْيَا، حتَّى ظنَّ قَيْسٌ أنَّه قَاتِلُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الحقِّ، أَنْ أَهْلِكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَتْلِي أحبُّ إليَّ مِنْ مَوْتَاتٍ أُمُوتُهَا كُلَّ يَوْمٍ، فرقَّ لَهُ وَأَمَرَهُ بِالِانْصِرَافِ، فَخَرَجَ إِلَى أصحابه فقال: اعْمَلُوا عَمَلَكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ وُقُوفٌ بِالْبَابِ يَشْتَوِرُونَ، إِذْ خَرَجَ الْأَسْوَدُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ جَمَعَ لَهُ مِائَةً مَا بَيْنَ بَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ، فَقَامَ وَخَطَّ خَطًّا وَأُقِيمَتْ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَامَ دُونَهَا، فَنَحَرَهَا، غير محبسة ولا معقلة، ما يقتحم الخط منها شئ، فَجَالَتْ إِلَى أَنْ زَهَقَتْ أَرْوَاحُهَا، قَالَ قَيْسٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَمْرًا كَانَ أَفْظَعَ مِنْهُ، وَلَا يَوْمًا أَوْحَشَ مِنْهُ، ثمَّ قَالَ الْأَسْوَدُ: أحقٌ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ يَا فَيْرُوزُ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ أن أنحرك فألحقك بهذه البهيمة، وأبدى لَهُ الْحَرْبَةَ، فَقَالَ لَهُ فَيْرُوزُ: اخْتَرْتَنَا لِصِهْرِكَ، وفضَّلتنا عَلَى الْأَبْنَاءِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا ما بعنا نصيبنا منك بشئ، فَكَيْفَ وَقَدِ اجْتَمَعَ لَنَا بِكَ أَمْرُ الْآخِرَةِ والدُّنيا؟ فَلَا تَقْبَلْ عَلَيْنَا أَمْثَالَ مَا يَبْلُغُكَ، فإنَّا بحيث تحبُّ، فرضي عنه وأمره

[1] في الطبري: قنتك وفي الكامل لابن الاثير: رقبتك.
[2] ذو الخمار: الاسود العنسي لقب به لانه كان معتما متخمرا أبدا.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست