responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 6
مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المتقين) * [التَّوْبَةِ: 123] فَلَمَّا عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَزْوِ الرُّوم عَامَ تَبُوكَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَضِيقٍ مِنَ الحال، جلَّى للنَّاس أمرها ودعى مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَحْيَاءِ الْأَعْرَابِ لِلْخُرُوجِ مَعَهُ فَأَوْعَبَ مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وتخلَّف آخَرُونَ فَعَاتَبَ اللَّهُ مَنْ تخلَّف مِنْهُمْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ، وَلَامَهُمْ ووبَّخهم وَقَرَّعَهُمْ أشدَّ التَّقريع وَفَضَحَهُمْ أشدَّ الْفَضِيحَةِ وَأَنْزَلَ فِيهِمْ قُرْآنًا يُتلى وبيَّن أَمْرَهُمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ كَمَا قَدْ بينَّا ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي التَّفسير وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّفْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
فَقَالَ تَعَالَى
* (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) * [التوبة: 41 - 42] ثمَّ الْآيَاتِ بَعْدَهَا: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى * (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) * [التوبة: 122] فَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ وَقِيلَ لَا فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى رَجَبٍ - يَعْنِي مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ - ثُمَّ أَمَرَ النَّاس بالتَّهيؤ لِغَزْوِ الرُّوم.
فَذَكَرَ الزُّهري [1] وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا كلٌ يحدِّث عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَا بَلَغَهُ عَنْهَا، وَبَعْضُ الْقَوْمِ يحدِّث مَا لَمْ يُحَدِّثْ بَعْضٌ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بالتَّهيؤ لِغَزْوِ الرُّوم، وَذَلِكَ فِي زَمَانِ عُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ، وَشِدَّةٍ مِنَ الْحَرِّ، وَجَدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ، وَحِينَ طَابَتِ الثِّمار، فالنَّاس يُحِبُّونَ الْمُقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلَالِهِمْ، وَيَكْرَهُونَ الشُّخوص فِي [2] الْحَالِ مِنَ الزَّمان الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا يَخْرُجُ فِي غَزْوَةٍ إِلَّا كَنَّى عَنْهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَإِنَّهُ بيَّنها لِلنَّاسِ، لِبُعْدِ الشقة، وشدَّة الزَّمَانِ، وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ، لِيَتَأَهَّبَ النَّاس لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ.
فَأَمَرَهُمْ بِالْجِهَادِ [3] وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ الرُّوم.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ فِي جِهَازِهِ ذَلِكَ لِلْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ أَحَدِ بَنِي سَلِمَةَ " يَا جَدُّ، هَلْ لَكَ الْعَامَ فِي جِلَادِ بَنِي الْأَصْفَرِ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أو تأذن لِي وَلَا تَفْتِنِّي، فو الله لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أَنَّهُ مَا رَجُلٌ بِأَشَدَّ عَجَبًا بالنِّساء مِنِّي، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ لَا أَصْبِرَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ " قَدْ أَذِنْتُ لَكَ " فَفِي الْجَدِّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ * (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين) * [التَّوْبَةِ: 49] .
وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، زَهَادَةً فِي الْجِهَادِ، وشكَّاً فِي الْحَقِّ، وَإِرْجَافًا بالرَّسول صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فأنزل الله فيهم * (وَقَالُوا لَا تنفروا في

[1] في ابن هشام: وقد ذكر لنا الزهري.
[2] في ابن هشام: على الحال.
[3] في ابن هشام: فأمر الناس بالجهاز.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست