responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 321
الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ يَلْبُغَا الْخَاصِّكِيِّ مُدَبِّرِ الدَّوْلَةِ [1] بِهَا، وَقَدْ تَوَسَّمَ وَتَوَهَّمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَسْعَى فِي صَرْفِهِ عَنِ الشَّامِ، وَفِي نَفْسِ نَائِبِنَا قُوَّةٌ وَصَرَامَةٌ شَدِيدَةٌ، فَتَنَسَّمَ مِنْهُ بِبَعْضِ الْإِبَاءِ عَنْ طَاعَةِ يَلْبُغَا، مَعَ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَأَنَّهُ إِنِ اتَّفَقَ عُزِلَ مِنْ قِبَلِ يَلْبُغَا أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُطِيعُ، فَعَمِلَ أَعْمَالًا وَاتَّفَقَ فِي غُضُونِ هَذَا الْحَالِ مَوْتُ نَائِبِ الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ بِدِمَشْقَ وَهُوَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدين برناق النَّاصِرِيُّ فَأَرْسَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَاشِيَتِهِ مَنْ يَتَسَلَّمُ الْقَلْعَةَ بِرُمَّتِهَا، وَدَخَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ إِلَيْهَا، وَطَلَبَ الْأَمِيرَ زَيْنَ الدِّينِ زُبَالَةَ الَّذِي كَانَ فَقِيهًا ثُمَّ نَائِبَهَا وَهُوَ مِنْ أَخْبَرِ النَّاسِ بِهَا وَبِخَطَّاتِهَا وَحَوَاصِلِهَا، فَدَارَ مَعَهُ فِيهَا وَأَرَاهُ حُصُونَهَا وَبُرُوجَهَا وَمَفَاتِحَهَا وَأَغْلَاقَهَا وَدُورَهَا وَقُصُورَهَا
وَعُدَدَهَا وَبِرْكَتَهَا، وَمَا هُوَ مُعَدٌّ فِيهَا وَلَهَا، وَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ هَذَا الِاتِّفَاقِ فِي هَذَا الْحَالِ، حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النُّوَّابِ قَبْلَهُ قَطُّ، وَفُتِحَ الْبَابُ الَّذِي هُوَ تُجَاهَ دَارِ السَّعَادَةِ وَجَعَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ يَدْخُلُ مِنْهُ إِلَى الْقَلْعَةِ وَيَخْرُجُ بِخَدَمِهِ وَحَشَمِهِ وَأُبَّهَتِهِ يكشف أَمْرَهَا وَيَنْظُرَ فِي مَصَالِحِهَا أَيَّدَهُ اللَّهُ.
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ خَامِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ رَكِبَ فِي الْمَوْكِبِ عَلَى الْعَادَةِ وَاسْتَدْعَى الْأَمِيرَ سَيْفَ الدين استدمر الَّذِي كَانَ نَائِبَ الشَّامِ، وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ كَالْمُعْتَقَلِ فِيهِ، لَا يَرْكَبُ وَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ، فَأَحْضَرَهُ إِلَيْهِ وَرَكِبَ مَعَهُ، وَكَذَلِكَ الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ قدموا من الديار المصرية: طبترق، وَهُوَ أَحَدُ أُمَرَاءِ الْأُلُوفِ وَطَيْدَمُرُ الْحَاجِبُ، كَانَ، وأماابن صُبْحٍ وَعُمَرُ شَاهْ فَإِنَّهُمَا كَانَا قَدْ سَافَرَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَشِيَّةَ النَّهَارِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ سَيَّرَهُمْ وَجَمِيعَ الْأُمَرَاءِ بِسُوقِ الْخَيْلِ، وَنَزَلَ بِهِمْ كُلِّهِمْ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ فَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ كَتِفًا وَاحِدًا، وَعُصْبَةً وَاحِدَةً عَلَى مُخَالَفَةِ مَنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ وَأَنَّهُمْ يَدٌ على سِوَاهُمْ مِمَّنْ أَرَادَ عَزْلَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ قتله، وأن من قاتلهم قَاتَلُوهُ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ ابْنُ أُسْتَاذِهِمُ الْمَلِكُ المنصور بْنُ حَاجِّي بْنِ النَّاصِرِ بْنِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ، فَطَاوَعُوا كُلُّهُمْ لِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ، وَحَلَفُوا لَهُ وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ عَلَى هَذَا الْحَلِفِ، وَقَامَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ عَلَى عادته في عظمة هائلة، وأبهة كثيرة، والمسؤول مِنَ اللَّهِ حَسَنُ الْعَاقِبَةِ.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ أَبْطَلَ مَلِكُ الْأُمَرَاءِ الْمَكْسَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الْمِلْحِ وَأَبْطَلَ مَكْسَ الأفراح، وأبطل أن لا تُغَنِّيَ امْرَأَةٌ لِرِجَالٍ، وَلَا رَجُلٌ لِنِسَاءٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَظِيمَةِ الشَّامِلِ نَفْعُهَا.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ عَشَرَهُ شَرَعَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ سَيْفُ الدِّينِ بَيْدَمُرُ فِي نَصْبِ مَجَانِيقَ عَلَى أَعَالِي بُرُوجِ الْقَلْعَةِ، فَنُصِبَتْ أَرْبَعُ مَجَانِيقَ مِنْ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ نَصَبَ آخَرَ فِي أَرْضِهَا عِنْدَ الْبَحْرَةِ، ثُمَّ نَصَبَ آخَرَ وَآخَرَ حَتَّى شَاهَدَ النَّاسُ سِتَّةَ مَجَانِيقَ عَلَى ظُهُورِ الْأَبْرَجَةِ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا الْقَلْعِيَّةَ وَأَسْكَنَهَا خَلْقًا مِنَ الْأَكْرَادِ وَالتُّرْكُمَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ الْأَنْجَادِ، وَنَقَلَ إِلَيْهَا مِنَ الْغَلَّاتِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَآلَاتِ الْحَرْبِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَاسْتَعَدَّ لِلْحِصَارِ إن حوصر

[1] مدبر الدولة: من ألقاب الوزراء وكتاب السر ومرتبته المقر الشريف (التعريف بمصطلحات صبح الاعشى ص 305) .
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 14  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست