responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 192
الْوَاسِطِيُّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، الْكَاتِبُ الشَّاعِرُ الشِّيعِيُّ، فَقِيهُ الشِّيعَةِ، أَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً وَامْتَدَحَ كَثِيرًا مِنَ الأمراء والملوك، منهم الكامل صاحب مصر غيره، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَكَانَ يَشْغَلُ الشِّيعَةَ فِي مَذْهَبِهِمْ، وَكَانَ فَاضِلًا ذَكِيًّا جَيِّدَ النَّظْمِ والنثر، لكنه مَخْذُولٌ مَحْجُوبٌ عَنِ الْحَقِّ.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ الساعي قطعة جيدة من أشعاره الدالة على غزارة مادته في العلم والذكاء رحمه الله وعفا عنه.
ثم دخلت سنة أثنين وأربعين وستمائة فِيهَا اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَعْصِمُ بِاللَّهِ مُؤَيِّدَ الدِّينِ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بن محمد العلقمي [1] المشؤم على نفسه، وعلى أهل بغداد، الذي لَمْ يَعْصِمِ الْمُسْتَعْصِمَ فِي وِزَارَتِهِ، فإنَّه لَمْ يَكُنْ وَزِيرَ صِدْقٍ وَلَا مَرْضِيَّ الطَّرِيقَةِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي قَضِيَّةِ هولاكو وَجُنُودِهِ قَبَّحَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ قَبْلَ هَذِهِ الْوِزَارَةِ أُسْتَاذَ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَلَمَّا مَاتَ نَصْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّاقِدِ استوزر ابن العلقمي وجعل مكانه في الاستادارية الشيخ محيي الدين يوسف ابن أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الناس، وَهُوَ وَاقِفُ الْجَوْزِيِّةِ الَّتِي بِالنَّشَّابِينَ بِدِمَشْقَ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ.
وَفِيهَا جُعِلَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ النَّيَّارِ مُؤَدِّبُ الْخَلِيفَةِ شَيْخَ الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَوَكَّلَ الْخَلِيفَةُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ الْمُطَهَّرِ وَكَالَةً مُطْلَقَةً، وَخَلَعَ عَلَيْهِ.
وَفِيهَا كَانَتْ وَقَعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ الَّذِينَ كَانَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ صَاحِبُ مِصْرَ اسْتَقْدَمَهُمْ لِيَسْتَنْجِدَ بِهِمْ عَلَى الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ دِمَشْقَ، فَنَزَلُوا عَلَى غَزَّةَ وأرسل إليهم الصالح أيوب الخلع والأموال وَالْأَقْمِشَةَ وَالْعَسَاكِرَ، فَاتَّفَقَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ وَالنَّاصِرُ دَاوُدُ صَاحِبُ الْكَرَكِ، وَالْمَنْصُورُ صَاحِبُ حِمْصَ، مَعَ الْفِرِنْجِ [2] وَاقْتَتَلُوا مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ قِتَالًا شَدِيدًا، فَهَزَمَتْهُمُ الْخُوَارَزْمِيَّةُ كَسْرَةً مُنْكَرَةً فَظِيعَةً، هَزَمَتِ الْفِرِنْجَ بِصُلْبَانِهَا وَرَايَاتِهَا العالية، على رؤوس أطلاب المسلمين، وكانت كؤوس الخمر دائرة بين الجيوش فنابت كؤوس المنون عن كؤوس الزرجون، فَقُتِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ زِيَادَةٌ عن ثلاثين ألف، وَأَسَرُوا جَمَاعَةً مِنْ مُلُوكِهِمْ وَقُسُوسِهِمْ وَأَسَاقِفَتِهِمْ، وَخَلْقًا مِنْ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَعَثُوا بِالْأُسَارَى إِلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ بِمِصْرَ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ يَوْمًا مَشْهُودًا وَأَمْرًا محموداً، ولله الحمد.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّا لَمَّا وَقَفْنَا تَحْتَ صُلْبَانِ الْفِرِنْجِ أَنَّا لا نفلح.
وغنمت الخوارزمية من الفرنج ومن كَانَ مَعَهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ إِلَى دِمَشْقَ لِيُحَاصِرَهَا، فَحَصَّنَهَا الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ وَخَرَّبَ من حولها رباعا كثيرة،

[1] جاء في الفخري ص 337: وقيل لجده العلقمي لانه حفر النهر المسمى بالعلقمي.
[2] كان الصالح إسماعيل اتفق سنة 641 مع الفرنج - لما علم باستدعاء الصالح أيوب للخوارزمية - لمساعدته في
الاستيلاء على دمشق مقابل تسليمهم القدس بما فيها من المزارات، وعسقلان وطبريا فعمر الافرنج قلعتيهما (انظر تاريخ أبي الفداء 3 / 172 وابن خلدون 5 / 358) .
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست