responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 36
فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ بِلَادَ حَلَبَ، وَعَلَيْهَا شِبْلُ الدَّوْلَةِ نَصْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ، فَنَزَلُوا عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْهَا، وَمِنْ عَزْمِ مَلِكِ الروم إن يستحوذ على بلاد الشام كلها، وأن يستردها إلى دين النصرانية، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ " [1] وَقَيْصَرُ هُوَ من ملك الشام من الروم مَعَ بِلَادِ الرُّومِ فَلَا سَبِيلَ لِمَلِكِ الرُّومِ إلى هذا.
فلما نزل مِنْ حَلَبَ كَمَا ذَكَرْنَا أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَطَشًا شَدِيدًا، وَخَالَفَ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ الدُّمُسْتُقُ، فَعَامَلَ طَائِفَةً مِنَ الْجَيْشِ على قتله ليستقل هو بالأمر من بعده، ففهم الملك ذلك فكر من فوره راجعاً، فاتبعهم الأعراب ينهبونهم ليلاً ونهاراً، وكان من جملة ما أخذوا منهم أربعمائة فحل محجل محملة أموالاً وثياباً للملك، وهلك أكثرهم جوعاً وعطشاً، ونهبوا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا ملك جلال
الدولة واسطاً واستناب عليها ولده وَبَعَثَ وَزِيرَهُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مَاكُولَا إِلَى البطائح ففتحها، وَسَارَ فِي الْمَاءِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَعَلَيْهَا نَائِبٌ لِأَبِي كَالِيجَارَ، فَهَزَمَهُمُ الْبَصْرِيُّونَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَلَالُ الدولة بنفسه فدخلها في شعبان منها.
وَفِيهَا جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ بِغَزْنَةَ فَأَهْلَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالْأَشْجَارِ.
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا تَصَدَّقَ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِأَلْفِ ألف درهم، وأدر أرزاقاً كثيرةً لِلْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِبِلَادِهِ، عَلَى عَادَةِ أَبِيهِ مِنْ قبله، وفتح بلاداً كَثِيرَةً، وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُ جِدًّا، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَقَوِيَتْ أَرْكَانُهُ، وَكَثُرَتْ جُنُودُهُ وَأَعْوَانُهُ.
وَفِيهَا دَخَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكْرَادِ إِلَى بَغْدَادَ يَسْرِقُونَ خَيْلَ الأتراك ليلاً، فتحصن الناس منهم فأخذوا الخيول كلها حتى خيل السلطان.
وفيها سقط جسر بغداد عَلَى نَهْرِ عِيسَى.
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ النَّازِلِينَ بِبَابِ الْبَصْرَةِ، وَبَيْنَ الْهَاشِمِيِّينَ، فَرَفَعُوا الْمَصَاحِفَ وَرَمَتْهُمُ الْأَتْرَاكُ بِالنُّشَّابِ، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ ثم أصلح بين الفريقين.
وفيها كثرت العملات، وَأُخِذَتِ الدُّورُ جَهْرَةً، وَكَثُرَ الْعَيَّارُونَ وَلُصُوصُ الْأَكْرَادِ.
وفيها تعطل الحج أيضاً سوى شرذمة مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ رَكِبُوا مِنْ جِمَالِ الْبَادِيَةِ مع الأعراب، ففازوا بالحج.
ذكر مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ... أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاعِظُ، الْمَعْرُوفُ بابن اكرات، صَاحِبُ كَرَامَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ، كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ فسكن دمشق، وكان يعظ الناس بالرفادة القيلية، حيث كان يجلس القصاص.
قاله ابْنُ عَسَاكِرَ.
قَالَ: وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي الْوَعْظِ، وحكى حكايات كثيرة، ثم قال: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اكرات الواعظ ينشد أبياتاً: أنا ما أصنع باللذا * ت شغلي بالذنوب

[1] تقدم تخريج الحديث.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 12  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست