responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 206
الْحَقِيقَةِ نَارٌ تَأَجَّجُ وَحَرٌّ يَتَوَهَّجُ وَمَاؤُهَا مِلْحٌ أُجَاجٌ.
وَمَا كَانَ هَذَا جَوَابَهُمْ إِلَّا لمَّا نهاهم عن [ارتكاب] [1] الطَّامَّةِ الْعُظْمَى وَالْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا [2] * وَلِهَذَا صَارُوا مَثُلَةً فِيهَا وَعِبْرَةً لِمَنْ عَلَيْهَا وَكَانُوا مَعَ ذلك يقطعون الطريق ويخونون الرقيق وَيَأْتُونَ فِي نَادِيهِمْ وَهُوَ مُجْتَمَعُهُمْ وَمَحَلُّ حَدِيثِهِمْ وَسَمَرِهِمُ الْمُنْكَرَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَضَارَطُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ مُجالسهم وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْهُمُ الْفَعْلَةُ الْعَظِيمَةُ فِي الْمَحَافِلِ وَلَا يَسْتَنْكِفُونَ وَلَا يَرْعَوُونَ لِوَعْظِ وَاعِظٍ وَلَا نَصِيحَةٍ مِنْ عاقل وَكَانُوا فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ كَالْأَنْعَامِ بَلْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَلَمْ يُقْلِعُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْحَاضِرِ وَلَا نَدِمُوا عَلَى مَا سَلَفَ مِنَ الْمَاضِي وَلَا رَامُوا فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَحْوِيلًا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخَذًا وَبِيلًا وَقَالُوا لَهُ فِيمَا قَالُوا (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [العنكبوت: 29] فَطَلَبُوا مِنْهُ وُقُوعَ مَا حَذَّرَهُمْ عَنْهُ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَحُلُولِ الْبَأْسِ الْعَظِيمِ فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا عَلَيْهِمْ نَبِيُّهُمُ الْكَرِيمُ فَسَأَلَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِلَهِ الْمُرْسَلِينَ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ فَغَارَ اللَّهُ لِغَيْرَتِهِ وَغَضِبَ لِغَضْبَتِهِ وَاسْتَجَابَ لِدَعْوَتِهِ وَأَجَابَهُ إِلَى طِلْبَتِهِ وَبَعَثَ
رُسُلَهُ الْكِرَامَ وَمَلَائِكَتَهُ الْعِظَامَ فَمَرُّوا عَلَى الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاؤوا لَهُ مِنَ الْأَمْرِ الْجَسِيمِ وَالْخَطْبِ الْعَمِيمِ (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ.
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ.
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ.
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) [الذاريات: 31 - 34] وَقَالَ (ولما جائت رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ.
قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) [العنكبوت: 31 - 34] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) [هود: 74] .
وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُنِيبُوا وَيُسْلِمُوا وَيُقْلِعُوا وَيَرْجِعُوا.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ.
يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) [هود: 75] أَيْ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَتَكَلَّمْ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حُتِمَ أَمْرُهُمْ وَوَجَبَ عَذَابُهُمْ وَتَدْمِيرُهُمْ وَهَلَاكُهُمْ، إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أَيْ قَدْ أَمَرَ بِهِ، مَنْ لَا يُرَدُّ أَمْرُهُ، وَلَا يُرَدُّ بِأْسُهُ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود.
وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ إنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ يَقُولُ: * (أَتُهْلِكُونَ قَرْيَةً فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ مُؤْمِنٍ قَالُوا لَا قَالَ فَمِائَتَا مُؤْمِنٍ قَالُوا لَا قَالَ فَأَرْبَعُونَ مُؤْمِنًا قَالُوا لَا قَالَ فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مؤمناً قالوا لا) قال ابن اسحق إِلَى أَنْ قَالَ (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهَا مؤمن واحد قالوا لا قالوا إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا) الْآيَةَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ أَتُهْلِكُهُمْ وَفِيهِمْ خَمْسُونَ رَجُلًا صَالِحًا فَقَالَ اللَّهُ لَا أُهْلِكُهُمْ وَفِيهِمْ خَمْسُونَ صَالِحًا ثمَّ تنازل إلى

[1] سقطت من النسخ المطبوعة.
[2] في نسخة: من العالمين.
[*]
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست