فرماه بنشابة نفذته ، فخر صريعا ، وانهزم الأتراك ، وقد كان شاهنشاه خلف على ملكه ابنه ( يلتكين ) فلما أتاه مقتل أبيه استجاش [1] الترك ، وأقبل في دهم داهم من أمم الأتراك ، وانضم إليه الفل . وبلغ بهرام الخبر ، فأرسل في أقطار خراسان ، فاجتمع إليه بشر كثير فسار مستقبلا ليلتكين ، فالتقوا على شاطئ النهر الأعظم مما يلي الترمذ ، وهاب كل واحد منهما صاحبه ، وجرت بينهما السفراء في الصلح . وأرسل بهرام إليه ( إنكم معاشر الخاقانية قتلتم ملكنا فيروز ، فأهدرنا دمه ، وقبلنا الصلح منكم ، فكذلك ، فافعلوا بنا ) . فأجابه يلتكين إلى الصلح على حكم هرمزد الملك ، وأقاما بمكانهما . فكتب بهرام إلى هرمزد بذلك ، فكتب إليه هرمزد : أن توجه إلى يلتكين مكرما في خاصة طراخنته [2] وعظماء جنوده . فتوجه يلتكين إلى العراق ، فلما دنا من المدائن خرج هرمزد ملتقيا له ، وترجل كل واحد منهما لصاحبه ، وأظهر هرمزد إكرام يلتكين ، وأنزله معه في قصره ، وأخذ كل واحد منهما عهدا وكيدا على صاحبه بالمسالمة ما بقيا ، ثم أذن له ، فانصرف إلى مملكته . ولما وغل في خراسان استقبله بهرام في جنوده ، وسار معه إلى حد مملكته ، وانصرف بهرام حتى أتى مدينة بلخ ، فنزلها ، ووجه إلى الملك هرمزد ما كان غنمه من عسكر شاهنشاه ، ووجه إليه بذلك السرير الذهب ، فبلغ ما وجه إليه وقر [3] ثلاثمائة بعير . فلما وصلت الغنائم إلى هرمزد ، وعرضت عليه ، وحوله وزراؤه وعظماء
[1] طلب الجيوش منهم . [2] جمع طرخان وهو الرئيس ، ويلقب به الأعيان في خراسان . [3] الوقر بالكسر : الحمل الثقيل .