الفيلفوس ، فولدت الإسكندر ، فاشتقت له اسما من اسم تلك العشبة التي عولجت بها ، على ما سمعت دارا قاله ليلة واقعها ، فنشأ الإسكندر غلاما لبيبا أديبا ذهنا ، فولاه جده الفيلفوس جميع أمره لما رأى من حزمه وضبطه ما رأى . ولما حضر الفيلفوس الوفاة أسند الملك إليه ، وأوعز إلى عظماء المملكة بالسمع والطاعة له . ( غلبه الإسكندر ) فلما ملك الإسكندر لم تكن له همة إلا ملك أبيه دارا بن بهمن ، فسار إلى أخيه دارا بن دارا ، فحاربه على الملك . وأما علماء الروم فيأبون هذا ، ويزعمون أنه ابن الفيلفوس لصلبه ، وأنه لما مات الفيلفوس وأفضى الملك إلى الإسكندر امتنع على دارا بن دارا بتلك الضريبة التي كان يؤديها أبوه إليه . فكتب إليه دارا بن دارا يأمره بحمل تلك الإتاوة ، ويعلمه ما كان بين أبيه وبينه من الموادعة عليها ، فكتب إليه الإسكندر ( إن الدجاجة التي كانت تبيض ذلك البيض ماتت ) فغضب دارا من ذلك ، وآلى ليغزون أرض الروم بنفسه حتى يخربها ، فلم يحفل الإسكندر بذلك ، ولم يعبأ به ، وكان الإسكندر جبارا معجبا ، وقد كان عتا في بدء أمره عتوا شديدا ، واستكبر . وكان بأرض الروم رجل من بقايا الصالحين في ذلك العصر ، حكيم فيلسوف ، يسمى ( أرسطاطاليس ) ، يوحد الله ، ويؤمن به ، ولا يشرك به شيئا ، فلما بلغه عتو الإسكندر وفظاظته وسوء سيرته أقبل من أقاصي أرض الروم حتى انتهى إلى مدينة الإسكندر ، فدخل عليه ، وعنده بطارقته ( 1 ) ، ورؤساء أهل مملكته ، فمثل قائما بين يديه غير هائب له ، فقال له : أيها الجبار العاتي ، ألا تخاف ربك الذي خلقك ، فسواك وأنعم عليك ، ولا تعتبر بالجبابرة الذين كانوا قبلك ، كيف أهلكهم الله حين قل شكر هم ، واشتد عتوهم . . . ؟ ! . في موعظة طويلة .
البطارقة : جمع بطريق ، وهو الحاذق بالحرب وأمورها .