وعبد الله بن الوداك التميمي ، وسراج بن مالك الخثعمي ، فقلت : ( السلام عليك يا مذل المؤمنين ) ، قال : ( وعليك السلام ، اجلس ، لست مذل المؤمنين ، ولكني معزهم ، ما أردت بمصالحتي معاوية إلا أن أدفع عنكم القتل عند ما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب ، ونكولهم عن القتال ، ووالله لئن سرنا إليه بالجبال والشجر ما كان بد من إفضاء هذا الأمر إليه ) . قال : ثم خرجنا من عنده ، ودخلنا على الحسين ، فأخبرناه بما رد علينا ، فقال : ( صدق أبو محمد ، فليكن كل رجل منكم حلسا [1] من إحلاس بيته ، ما دام هذا الإنسان حيا ) . ( موت الحسن بن علي ) ثم إن الحسن رضي الله عنه اشتكى بالمدينة ، فثقل ، وكان أخوه محمد بن الحنفية في ضيعة له ، فأرسل إليه ، فوافى ، فدخل عليه ، فجلس عن يساره ، والحسين عن يمينه ، ففتح الحسن عينه ، فرأهما ، فقال للحسين : يا أخي ، أوصيك بمحمد أخيك خيرا ، فإنه جلدة ما بين العينين ) ثم قال : ( يا محمد ، وأنا أوصيك بالحسين ، كانفه ووازره ) . ثم قال ( ادفنوني مع جدي صلى الله عليك وسلم ، فإن منعتم فالبقيع ) [2] ثم توفي ، فمنع مروان أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فدفن في البقيع . وبلغ أهل الكوفة وفاة الحسن ، فاجتمع عظماؤهم فكتبوا إلى الحسين رضي الله عنه يعزونه . وكتب إليه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب ، وكان أمحضهم [3] حبا ومودة : ( أما بعد ، فإن من قبلنا من شيعتك متطلعة أنفسهم إليك ، لا يعدلون بك أحدا ، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في دفع الحرب ، وعرفوك باللين لأوليائك ، والغلظة على أعدائك ، والشدة في أمر الله ، فإن كنت تحب أن تطلب هذا الأمر فاقدم علينا ، فقد وطنا أنفسنا على الموت معك )
[1] الرجال الحلوس هو الحريص الملازم ، ويقال فلان حلس من أحلاس البيت للذي لا يبرح البيت . [2] موضع فيه أروم شجر من ضروب شتى ، وهو مقبرة بالمدينة . [3] في نسخة محضهم ، وأمحضه الود ومحضه له أخلصه وصدقه .