تموج ترى الرايات حمرا كأنها * إذا صوبت للطعن طير عواكف جزى الله قتلانا بصفين خير ما * جزى عبادا غادرتها المواقف ( مقتل ذي الكلاع ) قالوا : وخرج ذو الكلاع في يوم من تلك الأيام في كتيبة من أهل الشام من عك ولخم ، فخرج إليه عبد الله بن عباس في ربيعة ، فالتقوا ، ونادى رجل من مذحج العراق ( يا آل مذحج ، خذموا [1] ) فاعترضت مذحج عكا يضربون سوقهم بالسيوف ، فيبركون . فنادى ذو الكلاع . . يا آل عك ، بروكا كبروك الإبل . وحمل رجل من بكر بن وائل يسمى خندفا على ذي الكلاع ، فضربه بالسيف على عاتقه ، فقد الدرع ، وفري عاتقه ، فخر ميتا ، فلما قتل ذو الكلاع تمحكت عك ، وصبروا لعض السيوف ، فلم يزالوا كذلك حتى أمسوا . وكان أهل العراق وأهل الشام أيام صفين إذا انصرفوا من الحرب يدخل كل فريق منهم في الفريق الآخر ، فلا يعرض أحد لصاحبه ، وكانوا يطلبون قتلاهم ، فيخرجونهم من المعركة ، ويدفنونهم . قالوا : وإن عليا رضي الله عنه أشاع أنه يخرج إلى أهل الشام بجميع الناس ، فيقاتلهم حتى يحكم الله بينه وبينهم ، ففزع الناس لذلك فزعا شديدا ، وقالوا : ( إنما كنا إلى اليوم تخرج الكتيبة إلى مثلها ، فيقتتلون بين الجمعين ، فإن التقينا بجميع الفيلقين فهو فناء العرب ) . وقام ( على ) في الناس خطيبا ، فقال : ( ألا إنكم ملاقو القوم غدا بجميع الناس ، فأطيلوا الليلة القيام ، وأكثروا تلاوة القرآن ، وسلوا الله الصبر والعفو ، والقوهم بالجد ) .
[1] في الأصل : خدموا والصواب : خذموا أي أسرعوا في السير .