ومن الروايات : صحيحة عبد الرحمان بن الحجّاج المنقولة في أبواب ما يحرم بالمصاهرة عن أبي إبراهيم(عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة ، أهي ممّن لا تحلّ له أبداً ؟
فقال(عليه السلام) : «لا ، أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعدما تنقضي عدّتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك» .
قلت : بأيّ الجهالتين أعذر ; بجهالة أنّ ذلك محرّم عليه أم بجهالة أنّها في العدّة ؟
قال(عليه السلام) : «إحدى الجهالتين أهون من الاُخرى ; الجهالة بأنّ الله تعالى حرّم عليه ذلك ; وذلك لأ نّه لا يقدر معها على الاحتياط» .
قلت : فهو في الاُخرى معذور ؟
قال(عليه السلام) : «نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها»[ 1 ] .
وجه الدلالة : أنّ التعبير بالأهونية في جواب الإمام وبالأعذرية لا يناسب الأحكام الوضعية ; فإنّ كون الجهل عذراً وموجباً لعدم التحريم الأبدي لا مراتب له ، فلابدّ من الحمل على الحكم التكليفي ; إذ هو الذي يتفاوت فيه بعض الأعذار ، ويكون بعضها أهون من بعض . فالغافل المرتكب للمحرّم أعذر من الجاهل الملتفت المرتكب له ; وإن كان ارتكابه بحكم أصل البراءة .
[1] الكافي 5 : 427 / 3 ، تهذيب الأحكام 7 : 306 / 1274 ، وسائل الشيعة 20 : 450 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الباب 17 ، الحديث 4 .