الثاني : فيما يدلّ على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة
قد اضطرب كلام القوم في ميزان الشبهة غير المحصورة ، كما اضطرب في بيان سرّ عدم وجوب الاجتناب عن بعض أطرافها أو جميعها .
وأسدّ ما قيل في المقام : ما أفاده شيخنا العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ أنّ كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال كون الحرام ـ مثلاً ـ في طرف خاصّ ; بحيث لا يعتني به العقلاء ، ويجعلونه كالشكّ البدوي ، فيكون في كلّ طرف يريد الفاعل ارتكابه طريق عقلائي على عدم كون الحرام فيه[ 1 ] .
وإن شئت توضيحه فلاحظ حال العقلاء : تراهم لا يعتنون ويعدّون المعتني ضعيف القلب .
فلو سمع الرجل أنّ واحداً من بيوت بلده التي فيها آلاف بيت قد أغرقه الماء أو وقع فيه حريق ، أو قرء في جريدة أنّ واحداً من أهل بلده التي فيها مائة ألف نسمة قد قتل ، تراه لا يبالي بما سمعه . ولو صار بصدد التفتيش ، وأظهر الاضطراب والوحشة ; لاحتمال كون البيت بيته والمقتول ولده لعدّ ضعيف العقل أو عديمه .
والسرّ فيه : هو أنّ كثرة الاحتمال يوجب موهومية المحتمل .
ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة قد استشكل فيما ذكره : بأنّ الاطمئنان بعدم الحرام في كلّ واحد من الأطراف لا يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها[ 2 ] .
وفيه : أنّ الإيجاب الجزئي وإن كان لا يجتمع مع السلب الكلّي إلاّ أنّ
[1] درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 471 . [2] نفس المصدر .