ربّما يوهم تولّد إرادة ونشوئها من اُخرى[ 1 ] ، ولايخفى أ نّه بظاهره من أفحش الأغلاط ; إذ كلّ إرادة توجد بتحقّق مبادئها وعللها ; وإن كانت الغاية منها تحصيل ذيها لانفسها ، ومع ذلك لاتصير الإرادة مبدأ لإرادة اُخرى .
وبذلك يتّضح : أنّ معنى الملازمة هنا ليس كون إحداهما لازمة لاُخرى ، بل معناها أنّ كلّ واحدة منهما تتحقّق بمبادئها ، وأنّ الغاية من تعلّقها بالمقدّمة تحصيلها لأجل الغير .
وبالجملة : أنّ الملازمة المدّعاة هنا غير الملازمات واللوازم والملزومات العقلية الاصطلاحية ممّا يكون الملزوم علّة اللازم إذا كان لازم الوجود ، أو يكون المتلازمان معلولين لعلّة واحدة ; ضرورة أنّ إرادة المقدّمة ووجوبها ليست لازمة لإرادة ذيها ووجوب ذيها بالمعنى المزبور ، بل إرادة كل تحتاج إلى مبادئ ; من التصوّر والتصديق وغير ذلك ، وكذلك الوجوب والإيجاب في كلا المقامين .
الأمر الثاني : في كون المسألة عقلية محضة
لا شكّ أنّ المسألة عقلية محضة إذا فرضنا أنّ النزاع في وجود الملازمة وعدمها ; إذ الحاكم عليها هو العقل ولا دخل للفظ فيها .
ودعوى كون النزاع في الدلالة الالتزامية وهي مع كونها عقلية تعدّ من الدلالات اللفظية[ 2 ] مردودة :