المبحث الثالث في أنّ الهيئة هل تدلّ على الوجوب أم لا ؟
بعد ما عرفت أنّ الهيئة وضعت للبعث والإغراء يقع الكلام في أ نّها هل وضعت للبعث الوجوبي أو الاستحبابي أو القدر المشترك بينهما أولهما على سبيل الاشتراك اللفظي ؟
فلنقدّم لتحقيقه اُموراً :
الأوّل : إذا راجعت وجدانك تعرف أنّ المصالح والغايات المطلوبة ، لها دخل تامّ في قوّة الإرادة وضعفها ، كيف لا ، وأنّ الإرادة المحرّكة لعضلاته لإنجاء نفسه من الهلكة أقوى من الإرادة المحرّكة لها نحو لقاء صديقه ، وهي أقوى من المحرّكة لها للتفريح والتفرّج .
ويمكن أن يستكشف مراتب الإرادة واختلافها ـ شدّة وضعفاً ـ عن تحريك العضلات سرعة وبطءً فظهر أنّ إدراك أهمّية المصالح واختلاف الاشتياقات علّة لاختلاف الإرادة في الشدّة والضعف والتوسّط بينهما ، كما أنّ اختلاف الإرادة علّة لاختلاف حركة العضلات سرعة وبطءً وقوّة وضعفاً ، كلّ ذلك مع الإقرار بأنّ