القول بأنّ معنى الأمر ومفهومه أمر مضيّق ، لاينطبق إلاّ على أمر العالي المستعلي عند التحليل .
وربّما يقال : إنّ العلوّ والاستعلاء لم يعتبرا في معنى الأمر بنحو القيدية ، بل الطلب على قسمين ; أحـدهما ما صدر بغرض أ نّـه بنفسه يكون باعثاً بلا ضميمة مـن دعـاء والتماس ، فيرى الآمـر نفسه بمكان يكون نفس أمـره باعثاً ومحـرّكاً ، وهـذا الأمـر لاينبغي صدوره إلاّ مـن العالي المستعلي ، وهـو غير الأخـذ في المفهوم[ 1 ] .
وفيه : أنّ عدم صدقه على غير العالي والمستعلي كاشف عن تضيّق مفهومه ; إذ لو أبقى على سعته كان عدم صدقه على غيرهما بلا ملاك .
وبالجملة : فالأمر دائر بين وضعه لمطلق القول الصادر ووضعه للصادر عن علوّ واستعلاء ، فعلى الثاني لامحيص عن الالتزام بتقييده بقيد حتّى لايصدق على غيرهما ، وعلى الأوّل لايتمّ قوله : إنّ الأمر الكذائي لاينبغي صدوره خارجاً إلاّ من العالي المستعلي ، مع أنّ المفهوم باق على سعته .
الثالثة : في دلالة مادّة الأمر على الوجوب
قد عرفت أنّ مادّة الأمر موضوع لمفهوم جامع بين الهيئات الصادرة عن العالي المستعلي ، فهل هو الموضوع له بقول مطلق أو ذاك مع قيد آخر ; أعني كونه صادراً على سبيل الإلزام والإيجاب ؟