المقام
الاول : فى الافتاء و يقع البحث فيه في جهات :
الجهة الاولى : بيان من يجب عليه العمل
برأيه و يحرم عليه الرجوع الى الغير .
الجهة الثانية : في بيان من يجوز له العمل
برأيه , و يكون مثابا او معذورا فى العمل به شرعا و عقلا .
الجهة الثالثة : فى شرايط المفتى , و من
يجوز له الافتاء .
اما الجهة الاولى : فالموضوع لوجوب العمل
برأية و حرمة الرجوع الى الغير , هو من كان ذا قوة و ملكة يقتدر بها على استنباط
الحكم الشرعى من مداركها و ان لم يستنبط فرعا من الفروع فلو زوال الرجل مقدمات
الاجتهاد و ما رسها ممارسة اكيدة , بحيث حصل من تلك المزاولة قوة الاجتهاد , و نال
المرتبة القدسية , و ان لم يستنبط فرعا واحدا و لم يرجع الى مسئلة واحدة بحيث يصدق
فى حقه فعلا انه جاهل بالاحكام يحرم عليه تقليد الغير , فيجب عليه استفراغ الوسع و
البال لتحصيل الحكم الشرعى لان الدليل على جواز رجوع الجاهل الى الغير ليس الابناء
العقلاء , و ما ورد فى الكتاب و السنة من التحريص الى الرجوع ليس الا ارشاد الى
الفطرة المرتكزة و هو دليل لبى لا اطلاق له حتى يتمسك باطلاقه , خصوصا اذا علم ان
مؤدي الامارات و الاصول عنده قد يكون مخالفا لرأى من يريد ان يرجع اليه بحيث لو
استفرغ الوسع لوقف على خطأه فى الاجتهاد , فلا يعذره العقلاء لو رجع و بان خطأه و
الحال هذه .
و ان شئت قلت : ان المتيقن او ما هو الظاهر
من بناء العقلاء هو الجاهل الذى لا يتمكن فعلا من تحصيل الاحكام الواقعية من طرقه
المألوفة , فعلية ان يرجع الى المتمكن و اما القادر على تحصيلها من طرقها و بحيث
لا حاجز بينه و بينها , الا مراجعة الامارات و الاصول المجتمعة في الكتاب و السنة
, فخارج عنه بل يجب عليه بذل الجهد في تحصيل ما هو ضالته و ما يدور عليه و ظايفه .