المنطقة فى داخلها و خارجها و يحفظون توازن
الجمعية فى كافة حركاتها , حفظا لها عن التلف و الاندحار , و سفك الدماء , و قتل
النفوس و تطرق اللصوص اليها من داخل و خارج حتى ينتظم امورهم و ينضبط كيانهم و
مدنيتهم .
كما ان من مقتضيات القوى النفسانية , الميل
و التوجه الى القوى النفسانية و الاحتراز و التباعد عن المضار , و ذلك يوجب نزاعا
فى الحقوق و الاموال و ربما ينجز الى الحرب و الاحتدام فلدفع هذه المفسدة عين
الشارع الصادق في كل صقع وجيل , من يتبع قوله فى حل خصوما تهم و مرافعاتهم , ليكون
قوله نافذا و امره قاضيا , و هذا ما يعبر عنه فى لسان الشرع و ائمة الدين -
بالقاضى - و كل من هذين الامرين راجع الى كيفية معاشهم فى ادوار حياتهم , ليخرجوا
عن الوحشية الى المدنية , حتى يتم نظامهم باحسن صوره و ادق معانيه .
وهيهنا مقام ثالث وراء ما تقدم اعنى به مقام
الافتاء , فان الاحكام الشرعية بابوابه الاربعة من عبادات و معاملات و ايقاعات و
سياسات لما كان امرا نظريا محتاجا الى التعلم و التعليم , و لا يمكن لكل واحد منا
عرفانها عن ماخذها العلمية و مداركها المتقنة , فان ذلك يعوق الانسان عن مهام اموره
الدنيوية , ارجع نظام الافتاء الى فقيه عالم بشرائع دينه و مذهبه و هذا هو الذي
يدور فى ألسنة المتشرعة - بالمفتى - ليكون مرجعا لاخذ الاحكام , و لما لم يكن كل
فرد لائقا لاشغال هذه المناصب الخطيرة و المقامات المهمة , حدد الشارع هذا المقام
بحدود و قيود , بحث عنها الاساطين فى كتبهم , و لا يناسب البحث عن عامتها و ضع
الرسالة الا البحث عن شرطية الاجتهاد لمن يتكفل هذه المناصب و اما بيان سائرها من
عدالة و حرية و رجولية فموكولة الى محلها , و يقع البحث عن مقامات ثلاث , و لنقدم
البحث عن الافتاء .