و الجهة الثالثة ايضا منتفية , فلان العناية
في الروايات ليست الى جهة الكشف و الطريقية اى الى ان الكون السابق كاشفا عن
البقاء حتى يصح جعله امارة , لما عرفت ان الكون السابق يحصل منه مرتبة من الظن ,
بل العناية الى ان اليقين لكونه امرا مبرما لا ينبغى ان ينقض بالشك , الذى ليس له
ابرام , و قد عرفت ان اليقين السابق ليس له ادنى امارية بالنسبة الى حالة الشك فما
تعرض له الاخبار و كان مورد العناية فيها ليس له جهة كشف مطلقا و ماله جهة كشف
موجب للظن يكون اجنبيا عن مفادها فلا محيص عن الذهاب الى ماعليه الاساتذة من انه
اصل تعبدى .
و اما الاستصحاب العقلائى الذى ينظر اليه
كلام الاقدمين فهو غير مفاد الروايات , بل هو عبارة عن الكون السابق الكاشف عن
البقاء فى زمن اللاحق , و قد عرفت ان بناء العقلاء ليس على ترتيب الا ثار بمجرد
الكون السابق مالم يحصل الوثوق بل الظاهر ان بناء العقلاء على العمل ليس لاجل
الاستصحاب اى جر الحالة السابقة , بل لاجل عدم الاعتناء بالاحتمال الضعيف المقابل
للوثوق , كما في سائر الطرق العقلائية .
و اما قاعدة التجاوز : فالكبرى المجعولة
فيها بعد ارجاع الاخبار بعضها الى بعض , وجوب المضي العملى و عدم الاعتناء بالشك و
البناء على الاتيان , و ما في بعض الاخبار من ان الشك ليس بشى و ان كان يوهم انها
بصدد اسقاط الشك اللازم منه اعطاء الكاشفية , لكنه اشعار ضعيف لا ينبغى الاعتداد
به , و الظاهر من مجموع الاخبار ليس الا ما تقدم كما يكشف عنه رواية حماد بن عثمان
قال : قلت لابى عبد الله عليه السلام اشك و انا ساجد فلا ادرى ركعت ام لا فقال قد
ركعت ( . ( 1
و الحاصل ان العناية في الجعل في القاعدة هى
عدم الاعتناء عملا و المضى