الصورة الثالثة : اعنى ما يجب فيه الاجتناب
عن الطرف و الملاقي بالكسر دون الملاقي فقد ذكر ( رحمه الله ) لها موردين .
الاول ما اذا تاخر العلم بنجاسة الملاقي
بالفتح او الطرف , عن العلم بالملاقات و عن العلم بنجاسة الملاقي بالكسر او الطرف
كما اذا علم او لابنجاسة ملاقيه بالكسر او الطرف من دون التفات الى سبب نجاسة
الملاقي , ثم , حدث العلم بالملاقات و حدث العلم الاجمالى بنجاسة الملاقي بالفتح
او الطرف , و العلم بانه ليس لنجاسة الملاقى بالكسر على تقدير ان يكون هو النجس
الذى تعلق العلم به اولا , سبب الاجهة ملاقاته لان المفروض انه ليس الا نجاسة
واحدة في البين .
و السر في ذلك : هو ما مر من ان شرط تنجيز
العلم الاجمالى ان يكون متعلقا بالتكليف الفعلى على اى تقدير منجزا كذلك و قد عرفت
انه لو سبق التكليف الى بعض الاطراف قبل تعلق العلم الثانى لما يؤثر المتاخر اصلا
لتردد متعلقه بينما كان واجب الاجتناب لو لا هذا العلم , و ما ليس كذلك فينحل
العلم الثانى الى قطعى الاجتناب و محتمله , و لا يصح ان يقال ان هذا واجب او ذاك ,
بل احد هما واجب الاجتناب قطعا و هو الذى سبق اليه التكليف , و الاخر مشكوك الوجوب .
و قس عليه المقام : فان العلم الاول قد نجز
حكم كل واحد من الملاقي بالكسر و الطرف و العلم الثانى قد تعلق بنجاسة الملاقي
بالفتح و الطرف , و المفروض ان الطرف كان في ظرف حدوث العلم الثانى واجب الاجتناب
و قد تم حجة المولى فيه الى العبد , و معه لا يحدث العلم الثانى تكليفا على اى
تقدير , و بالجملة : ليس البحث في الملاقي بالكسر حتى يقال ان العدل في العلم
الثانى هو الملاقي بالفتح , بل البحث في الطرف الذى هو عدل في كلا العلمين و قد
ثبت تنجيزه قبل حدوث العلم الثانى فلا معنى للتنجيز بعده فينحل علم الثانى الى
قطعى الاجتناب و هو الطرف و مشكوك و هو الملاقي بالفتح .
و ان شئت قلت : ان شرطية منجزية العلم
الاجمالى هو ان يكون كاشفا