فان تلك الاخبار تدل على ان تمام الموضوع
للثواب هو البلوغ كما في صحيحة هشام او السماع كما في بعض آخر منها , و ( عليه )
فمهما بلغه او سمعه و عمل على وزانه رجاء ان رسول الله قد قاله فيثاب و ان كان
رسول الله لم يقله , فهذه الاخبار اقوى شاهد على انه لا يشترط في تحقق الا طاعة ,
الجزم بالنية و لا قصد الامر في تحقق الاطاعة , اذ الثواب الذى يصل اليه عنه
المطابقة , ليس الانفس الثواب المقرر على العمل كما هو ظاهر الصحيحة و بالجملة ان
الظاهر منها ان العمل المأتى به رجاء ادراك الواقع و التوصل الى الثواب اذا صادف
الواقع يكون عين ما هو الواقع , و يستوفى المكلف نفس الثواب الواقعى , و ان لم
يصادف الواقع يكون عين ما هو الواقع , يعطى له مثل ثواب الواقع تفضلا , و لو كان
الاتيان باحتمال الامر لغوا او تشريعا , لما كان له وجه .
و الحاصل ان مقتضى اطلاق البلوغ و السماع
امكان الاحتياط و عدم لزوم الجزم و اليقين بالصدور او الحجية , و الا فلو كان شرطا
لما كان جهة لاعطاء ثواب نفسى , لعدم الاتيان بالعمل الصحيح .
القول
في مفاد تلك الاخبار
و مجمل القول فيه , ان الظاهر من اخباره ان
وزانها , وزان الجعالة , بمعنى وضع الحكم على العنوان العام ليتعقبه كل من اراد ,
فكما ان تلك جعل معلق على رد الضالة فهذا ايضا جعل متعلق على الاتيان بالعمل بعد
البلوغ برجاء الثواب .
توضيحه : ان غرض الشارع لما تعلق على التحفظ
بعامة السنن و المستحبات و يرى ان الاكتفاء في طريق تحصيلها على الطرق المألوفة ,
ربما يوجب تفويت بعضها , فلا جل ذلك توصل الى مراده بالحث و الترغيب الى اتيان كل
ما سمع عن الغير الذى يحتمل كونه مما امر به رسول الله , واردف حثة باستحقاق
الثواب و ترتب المثوبة على نفس العمل , حتى يحدث في نفس المكلف شوقا الى الاتيان ,
لعلمه بانه يثاب بعمله طابق الواقع او خالف , فهذا الخطاب و الترغيب و جعل الثواب
على