و المسلمين , انه يشترط ان ياتى المكلف
باعماله لوجه الله , و هو حاصل عند اتيانه بعنوان الاحتياط , ضرورة ان داعى
المحتاط في اعماله كلها هو طلب رضاء الله و مرضاته .
الثانى : ان المطلوب في باب العبادات هو
تحصيل عنوان الاطاعة و الامتثال و البعث عن انبعاث المولى , اذا لو اتاه بدواعى
اخر لما اطاع و امتثل و ان اتى بمتعلق الامر و ( عليه ) فصدق هذا العنوان يتوقف
على العلم باالمر حتى ينبعث بامره و اما اذا احتملنا وجود الامر فهو غير منبعث عن
بعث المولى بل عن احتمال البعث و هو غير كاف في صدق الاطاعة , و يرشدك الى ان
الباعث حينئذ هو الاحتمال الموجود في الذهن لاعن الامر الواقعى , هو ان الاحتمال
قد يطابق الواقع و قد يخالفه والرجل المحتاط ياتى بالمحتمل في كلتا الصورتين ,
فليس الباعث سوى الاحتمال لعدم الامر فيما اذا لم يطابق الاحتمال .
فان قلت : ان الباعث دائما انما هو الصورة
المتصورة في الذهن , لا نفس الامر الواقعى , ضرورة ان انبعاث القاطع ليس عن نفس
البعث , بل عن القطع بالامر , بدليل انه ربما يخالف قطعه الواقع مع انه ياتى
بالمقطوع , فلو كان علة الانبعاث هو الوجود الواقعى للامر , لكان لازمه عدم
الانبعاث عند كون القطع جهلا مركبا .
قلت : فيه خلط واضح ضرورة ان القطع مرآة
للواقع و طريق اليه , فلو طابق الواقع يصير الواقع معلوما لغرض و يناله المكلف
نيلا بالغرض , و بذلك يصح انتزاع الاطاعة و الامتثال للامر الواقعى وهذا بخلاف ما
اذا خالف , فيما انه تخيل يكون الانبعاث عن نفس القطع , و لا يعد عمله عند العقلاء
عملا اطاعيا و الا طاعة و العصيان امران عقلائيان , و نحن نرى انهم يفرقون بين
تطابق القطع و تخالفه . ( اما صورة الاحتمال ) فليس فيه انكشاف و لا دلالة و لا
هداية فلا يمكن انتزاع الاطاعة عن الانبعاث , الناشي من الاحتمال , و لا يقال انه
اطاع امر المولى و امتثله و انبعث عنه مع جهله باصل وجوده و ثبوته .