لان تنزيل المعدوم منزلة الموجود انما يكون
وضعا لا رفعا , و المفروض ان المكلف قد ترك الفعل عن اكراه او نسيان , فلم يصدر
منه امر وجودى قابل للرفع , و لا يمكن ان يكون عدم الشرب في المثال مرفوعا , و
جعله كالشرب حتى يقال انه لم يتحقق مخالفة النذر فلا حنث و لا كفارة ,
و الحاصل : انه فرق بين الوضع و الرفع فان
الوضع يتوجه الى المعدوم فيجعله موجودا و يلزمه ترتيب آثار الموجود , و الرفع
بعكسه , فالفعل الصادر من المكلف عن نسيان او اكراه يمكن ورود الرفع عليه , و اما
الفعل الذى لم يصدر منالمكلف عن نسيان او اكراه فلا محل للرفع فيه لان رفع المعدوم
لا يمكن الا بالوضع و الجعل , و الحديث حديث رفع لا حديث وضع (( انتهى . ((
و فيه : ان ترك الشرب بعدما تعلق عليه
المنذر و صار ذات اثر يكون له ثبوت في عالم الاعتبار , اذ ما لا ثبوت له و لو بهذا
النحو من الثبوت لا يقع تحت دائرة الحكم و لا يصير موضوعا للوفاء و الحنث , كيف و
قد فرضنا ان الكفارة قد تترتب على ترك ذاك الترك , و صارملاكا للحنث و بعد الثبوت
الاعتبارى لا مانع من تعلق الرفع عليه , بما له من الاثار , و اما ما افاده من ان
الرفع لا يمكن الا بالوضع غريب جدا فان الرفع قد تعلق بحسب الجد على احكام تلك
العناوين و آثارها , فرفع تلك الاثار سواء كانت اثر الفعل او الترك لا يستلزم
الوضع اصلا .
على ان التحقيق انه لا مانع من تعلق الرفع
بالامور العدمية اذ الرفع رفع ادعائى لا حقيقى , و المصحح له ليس الا اثار ذلك
العدم و احكامها , كما ان المصحح لرفع الامور الوجودية هو آثارها و احكامها , اضف
الى ذلك ان مصب الرفع و ان كان نفس الاشياء , لكن لا بما هى هى , بل بمعرفية
العناوين المذكورة في الحديث , فكل امر يتعلق عليه منا الاضطرار , او يقع مورد
النسيان و الاكراه , فهو مرفوع الاثر لاجل تلك العناوين , من غير فرق سواء كان
المضطرا اليه امرا وجوديا او عدميا .
و ربما يقال : في مقام جواب المستشكل ان
الرفع مطلقا متعلق بموضوعية الموضوعات للاحكام فمعنى رفع ما اضطرار اليه انه رفع
موضوعية للحكم و كذا في