الذهنية من حيث كشفها عن الواقع , تكلف و
تعسف , اذ المتبادر من الالفاظ انما هو نفس الحقائق الواقعية , ليس الا , و الصور
الذهنية الحاصلة للمتكلم و المخاطب فى بعض المقامات مغفول عنها , على ان الغرض من
الوضع هو افهام الواقعيات و الحقائق التكوينية فى الغالب فلا معنى لجعلها لغيرها ,
من الصور الذهنية - و توقف انفهام الخارج على التصور غير كون الموضوع له هو
المتصور , و كان الخلط انما وقع فى ذلك .
و لعل الذى دعا هذا القائل و من وافقه على
مقالته الى هذا القول هو تخيل انه لو كانت الجمل موضوعة للنسب الواقعية لما كان
لها معنى فى الاخبار الكاذبة , لانتفاء النسب الخارجية هناك .
و لكنهم غفلوا عن شى و هو ان هذا الاشكال
مشترك الورود على القولين فانها لو كانت موضوعة للنسب الذهنية الكاشفة توجه
الاشكال ايضا لانه لا معنى للكشف من دون مكشوف خارجى فان الكشف و الايضاح اشبه شى
بالتضايف و (( المتضايفان متكافئان قوة و فعلا )) و الاخبار الكاذبة لا تحقق
لنسبتها فى وعاء العين حتى تكشف عنها الصور الذهنية , و القول بان المراد من
الكاشف ما هو كذلك بالقوة و ماله صلاحية له , رجوع عن المبنى و التزام بكونها
موضوعة للصور الذهنية بما هى هى , اذ شأنية الكشف ثابتة لها , مطلقا و هو واضح
الفساد .
و حل العقدة انه ليس الاستعمال الا جعل
اللفظ و سيلة لانتقال ذهن السامع الى المعنى الخارجى انتقالا بالعرض لا بالذات , و
فى هذا الانتقال بالعرض لا يلزم ان يكون المعنى محققا - و ان شئت قلت . ان
الاستعمال و ان كان طلب عمل اللفظ فى المعنى الا ان مرجعه الى ارائة المعنى
للمخاطب و انتقاله من سماعه اليه و هذا يشترك فيه الاخبار الصادقة و الكاذبة و لا
يلزم ان يكون للمنتقل اليه وجود فى الخارج بل يتوقف على مجرد تصوره .
و الظاهر انه قد غره ظاهر لفظ الاستعمال ,
مع انك خبير بانه يصح اطلاقه حتى فى الموارد التى ليست معانيها متحققة فى الخارج
كما فى قولنا (( شريك البارى