الدواعى غايات لصدور الافعال , و ما فرع
سمعك ان الغايات علل فاعلية الفاعل ليس معناه انها مصدر فاعليته بحيث تكون علة
فاعلية لها و يصدر حركة الفاعل منها بل معناه ان الفاعل لا يصير مبدأ الا لاجلها ,
فالغاية ما لاجلها الحركة لا فاعل التحريك و الحركة .
فان قلت : ان حقيقة الاستعمال ليس الا القاء
المعنى بلفظه و الالفاظ مغفول عنها حينه لانها قنطرة و مرآة للمعانى , و ليس
للاستعمال ارادة مغاية لارادة المعنى الواقعى و المستعمل ان اراد من لفظ العام
المعنى الواقعى فهو و الا كان هازلا .
قلت : و فى ما ذكر خلط واضح و ان صدر عن بعض
الاعاظم اذ ليس الارادة الاستعمالية و الجدية متعلقتين بلفظ العام بحيث يكون
المراد الاستعمالى جميع العلماء و الجدى بعضهم , حتى يرد عليه ما ذكر , بل
الاستعمالية و الجدية انما هى بالنسبة الى الحكم فما ذكر من الاشكال اجنبى عن
مقصودهم , و لعل ما افاده شيخنا العلامة ( اعلى الله مقامه ) بين ما افاده القوم و
راموه حيث قال : ان هذا الظهور الذى يتمسك به لحمل العام على الباقى ليس راجعا الى
تعيين المراد من اللفظ فى مرحلة الاستعمال بل هو راجع الى تعيين الموضوع للحكم
فراجع .
ثم ان بعض اهل التحقيق قد اجاب فى مقالاته
عن هذا الاشكال بان دلالة العام و ان كانت واحدة , لكن هذه الدلالة الواحدة اذا
كانت حاكية عن مصاديق متعددة فلا شبهة فى ان هذا الحكاية بملاحظة تعدد محكيها
بمنزلة خطابات متعددة نظرا الى ان الحاكى يتلون بلون محكيه و يقتضيه فى آثاره فمع
تعدده يكون الحاكى كانه متعدد فحينئذ مجرد رفع اليد عن حجية الحكاية المزبورة
بالنسبة الى فرد لا يوجب رفع اليد عن حجيته العليا , ( و ايد كلامه ) بالمخصص
المتصل مدعيا ان الظهور فى الباقى مستند الى وضعه الاول غاية الامر تمنع القرينة
عن افادة الوضع لاعلى المراتب من الظهور فيبقى اقتضائه للمرتبة الاخرى دونها بحاله
( انتهى ) .
و لا يخفى ان ما ذكره من حديث جذب الالفاظ
لون محكيها اشبه بالخطابة و مبنى على ما اشتهر من ان احكام المعانى ربما تسرى الى
الالفاظ مستشهدا باسماء ما