ثم انك قد عرفت ان استعمال اللفظ الموضوع
للطبيعة اللابشرط المعراة عن كل قيد فى مصاديقها الواقعية مجاز فضلا عما جعل
مصداقا بالادعاء و لا ينتقض هذا بمثل زيد انسان اذ المحمول مستعمل فى الماهية
المطلقة لا فى الفرد الخاص و الهيئة الحملية تفيد الاتحاد و الهوهوية .
ثم انى ارى خلاف الانصاف ان ارتضى رايا فى
هذا المقام غير ما وقفت على تحقيقه من العلامة ابى المجد الشيخ محمد رضا الاصفهانى
( قدس الله سره ) فى وقايته و استفدت منه شفاها .
و ملخص ما افاده ان اللفظ فى عامة المجازات
استعارة كانت او مجازا مرسلا , مفردا كانت او مركبا , كناية كانت او غيرها , لم
يستعمل الا فيما وضع له , غاية الامر ما هو المراد استعمالا غير ما هو مراد جدا ,
و ان شئت قلت انه لتطبيق ما هو الموضوع له على غيره اما بادعاء كونه مصداقا له كما
فى الكليات او كونه عينه كما فى الاعلام و الفرق بين المذهبين مضافا الى ما عرفت
من ان المستعمل فيه بالارادة الاستعمالية , هو نفس الموضوع له على راى شيخنا قدس
الله سره و ان كان الجد على خلافه , دون ما ذهب اليه السكاكى فان المتعلق للارادة
عنده استعمالية كانت او جدية شى واحد , ان الادعاء على المذهب الاخير وقع قبل
الاطلاق ثم اطلق اللفظ على المصداق الادعائى , و لكن على ما رآه شيخنا وقع بعد
استعمال اللفظ حين تطبيق الطبيعة الموضوع لها على المصداق .
و بالجملة ان حقيقة المجاز ليست الا تبادل
المعانى و التلاعب بها لا باستعارة الالفاظ و تبادلها و انما حسن المجازات من جهة
توسعة المفاهيم الى ما لا يسعه وضع الفاظها و لا يشمله نفس تلك المفاهيم ابتداء و
لكن بعد ادعاء كون هذا منه تشمله حكما , مثلا , فى قوله تعالى (( ان هذا الا ملك
كريم )) ليس حسن المجاز المستعمل فيه من جهة اعارة لفظ الملك خلوا عن معناه لوجود
يوسف و جعلهما متحدين فى الاسم , بل لان الملك استعمل فى الماهية المعهودة من
الروحانيين و اطلق اللفظ عليها و استعمل فيها و ادعى انطباقها على المصداق
الادعائى - و قس عليه