الاول : ان الاطاعة من العوارض او الحالات
اللاحقة للامر , فتتأخر عنه بداهة لانها عبارة عن الانبعاث عن البعث و لا اشكال فى
تأخر الانبعاث عن البعث تأخر المعلول عن علته او جزئها , بناء على ان الامر ليس
علة تامة للانبعاث بل العلة هو مشاركا مع ملكات آخر من الخوف و الطمع , و عليه
فالعصيان و ان لم يكن نقيضا للاطاعة لان نقيض كلشى رفعه الا انه لازم النقيض او
مصداق له , اذ نقيض الطاعة , و الامتثال هو عدم الطاعة و الامتثال , و هو يتحقق فى
ضمن العصيان الذى هو عبارة عن ترك الامتثال بلا عذر و حينئذ فالنقيضان اعنى الطاعة
و عدمها فى رتبة واحدة و العصيان مصداق للنقيض , و المهية و مصداقها ليستا فى
رتبتين لمكان اتحادهما الذاتى فيستنتج ان العصيان فى رتبة نقيض الطاعة و نقيض
الاطاعة فى رتبتها , و الاطاعة و نقيضها متأخران رتبة عن الامر فهكذا العصيان لان
مامع المتأخر رتبة , متأخر كذلك .
الثانى : ان الامر بالاهم مستلزم للنهى عن
ضده العام فالامر به متقدم على النهى عن ترك الاهم , و النهى متقدم على عصيانه , و
العصيان متقدم على امر المهم تقدم الموضوع على حكمه فظهر تأخر امر المهم عن امر
الاهم بثلث مراتب .
و ان شئت قلت الامر بالاهم دافع للعصيان و
علة لرفعه و علة الشى متقدمة عليه و العصيان و رفعه فى رتبة واحدة لكونهما نقيضين
و ما مع المعلول , مؤخر عن العلة .
قلت : كلا الوجهين لا يخلو من خلط و ما
قدمناه فى ابطال كون احد الضدين مقدمة على الاخر , كاف فى ابطالهما و نشير اليه
هنا اجمالا , و هو ان التقدم و التأخر الرتبتين ليسا من الاعتبارات المحضة من دون
واقعية لهما فى نفس الامر كيف و حكم العقل بانه وجد هذا فوجد ذلك بنحو تخلل الفاء
ليس الا لاستشعاره امرا واقعيا و شيئا ثبوتيا , فحينئذ فاثبات امر واقعى للشى
كالتأخر الرتبى فرع كون الشى الموصوف ذا تقرر فى ظرفه و ذا حظ من الوجود , و ظرف
النسبة و الاتصاف بعينه ظرف الطرفين فلو كانت واقعيا فلا محالة يتصف الطرفان
بالواقعية , مع ان