اضف الى ذلك ما فى قوله (( من ملاحظة مجموع
الكلام )) اذ لا وضع لمجموعه بعد وضع مفرداته الا ان يرجع الى ما سنذكره من دلالة
هيئات الجمل على تحقق النسب , و الحروف على الاضافات التصورية .
الثانى انه لا تقابل بين الاخطارى بمعنى
اخطار المعنى بالبال , و الايجادى بالمعنى الذى فسره و هو ايقاعها الربط بين اجزاء
الكلام , فانك اذا قصدت الحكاية عن ربط الجوهر بالعرض فى قولك (( الجسم له البياض
)) مثلا , تخطر معانيها ببالك و تحضر فى وعاء ذهنك لا محالة , و يصير اجزاء كلامك
مرتبطا بعضها ببعض كما انه لا تقابل بينه و بين الايجادى بالمعنى الذى ذكرناه فان
الحروف سواء كانت حاكية عن الواقع المقرر , ام موجدة لمعانيها بالاستعمال , توجب
الانتقال من الفاظها الى معانيها على كل حال , نعم انما يتصور التقابل بين ((
الحكاية )) و (( الايجاد )) .
و الحاصل ان الحروف كافة تحضر معانيها فى
الذهن و تخطر معانيها بالبال سواء قلنا بانها موجدة للنسبة الكلامية كما ذكره , ام
قلنا بانها توجد معانيها فى الخارج كما اخترناه فى عدة من الحروف , او قلنا بانها
تحكى عن معانيها الخارجية كما ذكرناه فى بعضها فتدبر جيدا .
ثم ان بعض المحققين من المشائخ , بعد تسليم
ايجادية بعض الحروف انكر كون الفرد الموجود به معناه الموضوع له , و استدل عليه
بوجوه :
أحدها ان معنى اللفظ و مدلوله بالذات هو ما
يحضر فى الذهن عند سماع اللفظ الموضوع له , ولا ريب ان الموجود الخارجى لا يمكن
حضوره فى الذهن فالخارج هو المدلول عليه بالعرض من جهة فناء المدلول عليه بالذات
فيه .
و فيه : (( اولا )) انه منقوض بالاعلام
الشخصية على مبنى المشهور و قد اعترف هو ( قدس سره ) و نحن بامكانه و ان ناقشنا فى
وقوعه .
(( و ثانيا ))
ان الغاية من وضع الالفاظ و استعمالها هى الافادة و الاستفادة باحضار المعانى فى
الذهن من غير فرق من بين ان يكون حضورها بالعرض او