يبقى مجال لموافقة الثانى بعد موافقة الاول
فلا يتوسل الامر الى غرضه بهذه الوسيلة , و ان لم يسقط فلا يكون الا لعدم حصول
الغرض و معه لا يحتاج الى الثانى لاستقلال العقل بوجوب الموافقة بما يحصل به الغرض .
و فيه وجوه من النظر .
اما اولا فانك قد عرفت ان الفاظ العبادات
موضوعة لمعنى غير مقيد بشرائط آتية من قبل الامر سواء قلنا بكونها موضوعة للصحيح
ام للاعم , اذ الشرائط الاتية من قبل الامر خارجة من حريم النزاع و الموضوع له
اتفاقا, فاذن نفس الاوامر المتعلقة بالطبايع غير متكفلة لافادة شرطيتها لخروجها من
الموضوع له , فلابد من اتيان بيان منفصل لافادتهما بعد امتناع اخذها فى المتعلق بل
مع جوازه ايضا يكون البيان لا محالة منفصلا لعدم عين و اثر منها فى الاوامر
المتعلقة بالطبايع , و الاجماع و الضرورة القائمتان على لزوم قصد الامر او التقرب
فى العبادات يكشفان عن وجود امر آخر كما لا يخفى .
و ان : شئت قلت : انا نختار الشق الثانى من
كلامه و هو ان الامر الاول لا يسقط بمجرد الاتيان , لقيام الاجماع و الضرورة على
اعتباره فى صحة العبادات و لكن يستكشف حينئذ عن ورود تقييد لمتعلق الطبايع لكون
الصحة و عدمها دائرتين مداره , كما يستكشف بهما وجود امر آخر و دليل منفصل اذا
قلنا بعدم جواز الاخذ فى المتعلق كما هو المفروض فى كلامه قدس سره .
و ثانيا : ان ما ذكره فى آخر كلامه من
استقلال العقل بوجوب الموافقة بما يحصل به الغرض غير صحيح , لان مرجعه الى ان
العقل يستقل بالاشتغال و معه لا مجال لامر مولوى و فيه مضافا الى جريان البرائة فى
المورد كما سيأتى بيانه , ان حكم العقل بالاشتغال ليس ضروريا بل امر نظرى تضاربت
فيه الافكار , و اكتفاء الشارع بحكمه انما يصح لو كان الحكم بالاشتغال مقتضى جميع
العقول , و مع هذا الاختلاف يبقى مجال لاعمال المولوية و لو , لاجل رد القائلين
بالبرائة و الحاصل ان ما قرع سمعك من انتفاء مناط المولوية فى موارد الاحكام
العقلية ليس بالمعنى